هناك أنواع من الأسماك يطلق عليها البرمائية أو اسماك أرضية مائية معا. قد حبتها الطبيعة بأطراف ثبتت في صدرها لتندفع بها حين تسبح في الماء، وتزحف عليها حين تخرج إلى الأرض ومن ذلك السمك البربوني (Rouget)وسمك الرعد (Gaondin) وهذه الأسماك تنتشر في إفريقيا. ولها ألوان تبهر الأبصار، وتجمع بين ضخامة الرأس وصلابتها، فضلا عن شراستها. وكثيرا ما تكون مكعبة أو هرمية الشكل، تغطي فكيها طبقة سميكة من العظام تجعل فمها مدرعا، هذا النوع من الأسماك يستطيع البقاء حيا ساعات متتالية على سطح الأرض خاصة إذا ما كان الجو رطبا حولها، إذ ان خياشيمها تبقى مبللة بالماء الذي تخزن فيها، وبذا يتسنى لها امتصاص غاز الأكسجين بطريقة مباشرة من الهواء، وإذا اضطرت لأن تبحث عن الغذاء في ارض قد تكدست بها الأوحال تراها تزحف كالثعابين لأنها لاتقدر على المشي وهي كثيرا ما تشابه السنور من حيث الزغب الطويل الذي يحيط بفمها كشارب القط مما دعا إلى تسميتها (بسمك القط) في المناطق الحارة.
وهناك نوع أخر من هذه الأسماك تسمى (بشير) يبلغ طولها متر، والظهر فيها مصفح بطبقة سميكة صلبة تعلوها زعانف حادة، وله وجه مستطيل يشبه التمساح. وفي نهر النيل فصيلة ثعبانية (Clarias anguille) تتقدم رأسها أنياب بعضها يتجه إلى أعلى والأخر إلى أسفل، وترى جسمها يميل كثيرا إلى الاستدارة والطول.
ومن هذه الأنواع البرمائية ما يعيش في الهند ومناطق الشرق الأقصى، وهي اسماك محدبة الظهر كالسلحفاة (Anabas) تجيد تسلق الأشجار وللسمكة فجوات فوق خياشيمها وفي عظام الرأس تكون مليئة بالماء الذي يتساقط نقطة فنقطة على الخياشيم فيغذيها طوال وجودها خارج الماء، وبذا تبقى الخياشيم دائما مبللة فتؤدي عملها كما لو كانت داخل الماء، ويستنشق الأكسجين رأسا من الهواء. ولهذه الأسماك جمال فتان بألوانها الأخضر والأحمر والأزرق، أو خليط من بعض هذه الألوان.
وقد تنتهي زعانف هذه الأسماك الظهرية الطويلة بأشواك صلبة، تساعد على تحركها فوق سطح الأرض فإذا ما خرجت من الماء ليلا، فإنها تزحف قليلا من الطريق ثم تمشي ما بقي منه، وإن اعترضها جذع شجرة أو ساق نبات ملتوية فسرعان ما تتعلق بها بأسنان زعانفها، وتستند على ذيلها، وترفع رأسها كيما تندفع إلى الأمام، وبذا تستطيع أن تتسلق الأشجار الباسقة وتتذوق ما عليها من غذاء شهي لاتجده في الماء.
وفي بحار غربي إفريقيا نوع من الأسماك يسمى (Perio phtalmes) تمتاز بنعومة جسمها وضخامة رأسها، وباتساع عينيها وبروزهما واقتراب الواحدة من الأخرى مما يوفر لها ميزة الإبصار من بعيد كعدسات المنظار المكبر حينما تغوص في الأعماق البعيدة. وتميل هذه الأسماك إلى الخروج إلى البر لتفضيلها غذاء الأرض على غذاء الماء، وتخرج باحثة عن غذائها أوقات الجزر على الأرض.
ويعيش نوع أخر من الأسماك البرمائية في أمريكا وغربي إفريقيا واستراليا يسمى (صدفي الأجنحة - Lepido siren) وهو ثعباني الشكل وقد يصل طوله إلى متر يتغذى بحرا من الحيوانات المائية وبرا من الأعشاب. ومن عادته أنه يمشي على الأرض زحفا كالثعابين وتتمتع هذه الأسماك بخياشيم خاصة تمكنها العيش بعيدا عن الماء أشهرا متتالية. وعند انحسار الماء الذي تعيش فيه تتخذ لها نفقا في الطين، ثم تطليه بطبقة سميكة من إفرازاتها الجلدية، وبعد توسعة هذا الوكر بما يكفي لجماعاتها، ودهانه من الداخل بهذه الإفرازات، تتجمع الأسماك هنالك وتقطن فيه حتى يحل فصل الأمطار ويعود إليها الماء. ذلك لأن الطين الذي يحيط بها يأخذ في الجفاف والصلابة، ولكن الإفرازات التي تحيط بأجسامها تمنع الطين ان يتيبس حولها، ومن ثم تروح الأسماك في سبات عميق، ويرد إليها الهواء متخللا تشققات الطــــــــين وثقوبا قد أعدتها هي لهذا الغرض.