الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
وعجل فرجهم وأهلك أعدائهم
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين
وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
ورحمة الله وبركاته ..
جمعت في صفاته الأضداد ، ولهذا عزّت له الأنداد ،
ولنعدّ الصفات بذكر كل صفة خاصة وضدها مجتمعتين ، فنقول
كان إذا زاد اضطرابه اطمأنّ قلبه ،
وهدأت جوارحه،فهو المضطرب الوقور.
وكان قد بكى في مواضع كثيرة،
ولكن إزداد بذلك صبره الذي عجبت منه الملائكة فهو الباكي الصبور.
وقد كان مكثوراً أحاط به الأعداء من جميع الجهات ؛
ولكن لم يضعف قلبه من ذلك فهو رابط الجأش مكثور.
وقد كان موتوراً قُتل أصحابه وأهله وولده وأخوانه،
وهو مع ذلك ثائر بدمه، فكان أخذ الثأر من قتلته فهو الثائر الموتور.
وقد كان فرداً وحيداً بلا أنصار؛ لكن:
كأنه وهو فرد في جلالته ** في عسكر حين تلقاه، وفي حشم
وإنه لما كان يشدّ عليهم ، ينكشفون إنكشاف المعزى إذا شد عليها الذئب فهو الفريد ذو العسكر والوحيد ذو الحشم.
وقد كان محتضراً غريباً،
وحوله اهله وعياله ، فهو الغريب عند الاهل .
وقد كان يستغيث لاتمام الحجة
ويغيث كل من ناداه بـــ" أدركني يا أبا عبدالله ، فهو المغيـــث المستغيث .
وكان قد فدته نفوس الشهداء قتلا بين يديه والاحياء جميعاً الى يوم الجزاء ، مع انه قد فدى نفسه الشريفة لهم ولهدايتهم ونجاتهم،
ولذا انشد بعض الحكماء عن لسان حاله عند مخاطبته لاصحابه: فديتموني انما انا جئتكم افديكم من لظى ،فهو الفادي المفدى .
وكان حين وقوعه صريعا مطروحا
يسعى تخليص اهله ، ومن يجيء اليه فهو المطروح الساعي .
وكان قد بلغت شدة عطشه الى اللوك للسانه ، يعني كثرة ادارة لسانه في فمه ، حتى تجرح لسانه من شدة عطشه واعيائه ويبس لسانه ،
وكان يسعى في سقي العطاشى حتى انه اراد سقي ذي الجناح قبل ان يشرب ، وما نراه شرب سلام الله تعالى عليه ،حيث سمع بهتك الخيام فالقى بالماء، فهو
العطشان الساقي.
وكان عاريا بالعراء ، لكن : تحمي اشعته العيون فكلما ،،،
حاولن نهجا خلنه مسدودا، فهو العاري المستور.
وكان مضمخا بالدماء والتراب ، ولكن لم ير الناظر اليه قتيلاً مضمخا بدمه أنور منه ،
حتى قال عدوه لقد شغلني نور وجهه عن النظر في كيفية قتله فهو المضمخ بالتراب ذو النور.
وكان لم يبق له مأوى ولا مأمن ، وقد وصف به نفسه ايضا ،
وكان يأوي اليه كل خائف كما آوى اليه عبدالله بن الحسن وغيره من اهل بيته ، فهو المأوى بلا مأوى وهو الملجأ بلا ملجأ.
وكان مسلياً عن البكاء ، وهو سبب البكاء ، كما في رواية الغفاريين عبد الله وعبدالرحمن حين استأذنا ، وبرزا اذ كانا يبكيان فقال لهما: يا ابني
أخي ما يبكيكما ؟ وانا ارجو ان تكونا بعد ساعة قريري العين ؟ فقالا : ما على انفسنا نبكي ، ولكن نبكي عليك يا سيدنا نراك قد احيط بك ولا نقدر ان نمنع عنك.
وكان مسكتاً عن البكاء : وهو يبكي وذلك حين أخذت زينب الكبرى بالبكاء ، لما سمعت ما سمعت ليلة عاشوراء من نعي الامام لنفسه ،
فجاءت صارخة حاسرة وقالت:يا اخي هذا كلام من ايقن بالقتل ، قال : نعم يا اختاه ، لا يذهب حلمك ، واصبري ، ثم غلب عليه البكاء .
صلى الله عليك يا أبا عبدالله الحسين ...
نسألكم الدعاء..