فأطفال اليوم هم شباب المستقبل و هم عماد المستقبل وأمله . الأمر الذي يتطلب حمايتهم و رعايتهم من بعض المشكلات التي يمكن أن تظهر عند الأطفال فهناك الخوف من الماء و الرعد و البرق و الحيوانات و المدرسة إلا أن هذه المخاوف سرعان ما تزول و تتلاشى ولكن بعض هذه المخاوف عند الطفل يشكل خطراً عليه تعيق ممارسة شؤون حياته بشكل سوي فهذه المخاوف تتطلب العلاج .
والخوف من المدرسة شكل من أشكال الخوف الشاذ والغير مبرر بشكل عقلاني يمارسه الفرد كنوع من الدفاع عن القلق ويختلف عن أشكال الخوف الطبيعي التي تستثيرها مثيرات تنطوي على ما يخيف و يعترف بها الأسوياء . ومن أهم المخاوف في مرحلة الطفولة المتوسطة الخوف من المدرسة أو رفض الذهاب إليها و الذي يظهر عند التحاق الطفل في حالات أو بعد الدخول و الاستمرار فيها في حالات أخرى
تعريف الخوف من المدرسة :
هو خوف مبالغ فيه يتسم بالشدة و القوة غير مبرر منطقياً لا عقلاني يترافق باضطرابات انفعالية و وجدانية عديدة و تظهر على شكل أعراض جسدية دون أساس عضوي لها و كأوجاع البطن و المعدة يلجأ إليها الطفل كوسيلة دفاعية تبرر رفضه الذهاب إلى المدرسة و تؤكد بقاءه في المنزل إلى جانب والديه و بالأحرى على جانب أمه خاصة .
نشأة الخوف من المدرسة :
يظهر الخوف من المدرسة غالباً في أي وقت أثناء سنوات الدراسة إلا أن القضايا الخاصة المرتبطة به تتغير مع العمر و تظهر ميول الخوف المدرسي لدى الأطفال في المراحل الأولية خاصة في مرحلة العمر من ( 5-10 ) سنوات و فيها يعبر الطفل عن خوف شديد جداً من حضور المدرسة و يتمنى أن يظل في البيت , و هناك مجموعة أخرى من الأسباب أهمها :
1- الخوف من الحضور للمدرسة .
2- الخوف من بداية انفصال الأبوين تحت أي ظرف .
3- الخوف من أناس معينين في المدرسة أو في الطريق للمدرسة .
مظاهر الخوف من المدرسة :
1- صعوبة شديدة من المواظبة على الحضور للمدرسة .
2- الخوف الزائد .
3- المزاج المتقلب – حدة الطباع .
4- البكاء المستمر – الصياح المنتظم .
5- نوم – كوابيس متكررة .
6- حدوث أعراض جسمية في الصباح : كالقيء و الإسهال و الألم في البطن و الصداع .
العوامل المصاحبة للخوف من المدرسة :
1- الاكتئاب .
2- الخجل و الانطواء و العزلة.
3- ضعف التحصيل الدراسي
كما و يضيف بعض الأعراض الأقل أهمية من سابقتها و لكن لا بد لنا من ذكرها هنا ألا و هي اضطرابات النوم كالنوم المتقطع و الأرق و الكوابيس و بشكل عام فإن هناك أعراض كثيرة و لكنها تتحد بشكل أساسي بالقلق و الاكتئاب المترافق بالبكاء و بالأعراض الجسمية الهستيرية التي يتوهمها الطفل التي لا أساس عضوي لها .
أسباب الخوف من المدرسة :
1 – العوامل النفسية :
1 ـ ضعف الثقة بالنفس :
فالطفل الخائف من المدرسة هناك سبب هام جداً هي انه يحتاج إلى محبة وامن و سكينة فالطفل لا يستطيع أن يعتمد على نفسه فجأة بل يظل إلى فترات طويلة محتاجاً إلى الكبار و تشجيعهم ومع هذا سيظل حريصاً على الاعتماد على أبوابه و مربيه .
2 ـ اعتماد الطفل على والديه :
الطفل الخائف غير قادر على القيام بالمسؤولية والاعتماد على ذاته في المدرسة لوحده ولكنه في البيت يعتمد على والديه في كتابة وظائفه وفي مساعدة أداء واجباته .
3 ـ القلق الشديد و الضغوط النفسية :
مما يسبب شعور الطفل بعدم احترامه لذاته بسبب عدم القدرة على
التغلب على بعض الصعوبات خارج المنزل مثل (تكوين صداقات
– تحمل مسؤولية – الاعتماد على الذات) .
4 ـ الشعور بالنقص و العجز كالضعف الجسمي أو الإعاقة الجسمية :
هذا الشعور يؤدي إلى مساوئ خطيرة تلحق العاجز و تحديدا الطفل الصغير وتهدد ثقته بالنفس وتجعله يعيش معطلا من الحاسة التي فقدها و يشعر بعدم احترام أصدقائه له وحكم على نفسه بعدم الذهاب إلى المدرسة رفضاً تاماً حتى ولو كانت إعاقته بسيطة تؤدي إلى أثار سلبية لا تقل أهميتها عن أثار الإصابة بإعاقة خطيرة جداً.
5 ـ مشاعر الحرمان و الخجل و النبذ من قبل رفاقه :
إن الشعور بالخجل لدى أطفال المدرسة يدفعهم خوفهم إلى الانزواء و اجتناب الألعاب وعدم قدرتهم على الانخراط في أي نشاط اجتماعي أو الدخول في زمر أو أنشطة متنوعة مع أصدقائه و يفضل البعد عن رفاقه في الوقت نفسه .
2- العوامل المدرسية :
إن ظروف الحياة المدرسية تستطيع استثارة مخاوف الطفل لأسباب موضوعية ومعقولة فحجم المدرسة ونظامها وإجهاد الامتحانات أو احتمال مواجهة الفشل في المدرسة و العلاقات المضطربة مع الزملاء أو المعلمات والإداريين .
1 ـ شعور الطفل بالخوف عندما يعاقب أو يهدد بالعقاب :
فالعقاب إيقاع أذى لفظي وبدني أو إظهار منبه مؤلم أو منفر عند حدوث السلوك غير المرغوب فيه أو الدال على الاضطراب ومن أمثلة : ( العقاب بالضرب عندما يخطىْ التلميذ من إعطاء إجابة أو زجر الطفل الصراخ في وجهه وحرمانه من لعبه ) .
وتعتبر الأساليب التي يستخدمها المدرسون أمثلة إضافية على ذلك : تنبيه الطفل بقسوة أمام رفاقه – أو تهديده بإنقاص درجاته أو ضربه أو معاقبته بشدة عندما يظهر سلوكاً غير محبب كالشغب و الإهمال وهي أيضاً أنواع من العقاب .
2 ـ تعرضه للسخرية والإيذاء من جانب رفاق المدرسة :
ربما السبب : الإحساس برداءة ملابسه أو حاجاته المدرسية أو شعره وتعرضه دائماً للسخرية من مظهره وضرب رفاقه له وشعوره بعدم محبته يكون أحد الأسباب المؤلمة في نفس الطفل في رفضه الذهاب إلى المدرسة .
3 ـ الضعف في القراءة وفي جميع المواد المدرسية :
قد يكون سبب ضعفه عدم محبة درس القراءة ويكون السبب الكامن وراء ذلك عدم محبة آنسة مادة القراءة لأنها ضربته أو أهانته أمام رفاقه مما يؤدي إلى النقمة على مادة القراءة و تراجعه فيها .
4 ـ بعد المسافة بين البيت والمدرسة
3- العوامل الأسرية :
1ـ الأم و انفصالها :
أو ما يسمى بقلق الانفصال فقد يعاني بعض الأطفال في بداية حياتهم من قلق الانفصال وخاصة عندما يبتعد عن أمه أومن يقوم مقامها فيرفض الطفل التوجه إلى المدرسة والالتحاق بها متظاهراً بالتمارض والشكاوي البدنية وكل ذلك من أجل البقاء إلى جوارها مترافقاً ذلك بالاكتئاب والعزلة والانسحاب في حالة ابتعاد أمه عنه في المدرسة وهذا القلق يتولد لدى الرعاية الزائدة والتدليل الذي يتلقاه .
2 ـ دور الأب :
إن للأب دور هام إلى جانب الأم في تشكيل الخوف المرضي من المدرسة عند الطفل فقد يكون الأب صورة كربونية عن الأم فتراه يدلل الطفل بشكل زائد عن الأم وبذلك قد يكون لمحبته الزائدة بطفله سهل على الطفل ترك المدرسة وبقائه في المنزل أوقد يكون الأب منفصلاً عن الأسرة مبتعداً عن أولاده وزوجته يقضي معظم وقته خارج المنزل ومشغولاً بأعماله ومعتمداً بشكل أساسي في تربية الأطفال على الأم وهذا ما يشجع الطفل في المنزل على تركه للمدرسة بسبب عدم اكتراث الأب بما يجري في منزله وهذا ما يعزز ظهور الاضطراب لدى الطفل .
من العوامل الأخرى ما يلي :
1- حقيقة أو تهديد شخصي للطفل يكون :
· موت أحد الآباء .
· تغيير جدول أعمال الوالد .
· التنقل المستمر للوالد في عمله .
· عدم استقرار نفسي واجتماعي .
2- الخلافات الأسرية وتعلم الخوف من أحد الوالدين بشكل مستمر ومباشر
وخاصة من الأماكن الجديدة وهذا ينمي الخوف في نفس الطفل مثل
دخوله المدرسة ( بيئة جديدة – مكان جديد ) .
3- الحماية والدلال من قبل الأم له .
4- عدم الاهتمام والرعاية من قبل الوالدين بالطفل .
5- مولد أخ وأخت له في الأسرة .
6- موت أحد الأقارب في حالة وجود الطفل .
وكما ذكرنا فإن الخلافات الأسرية المتوترة غير المستقرة عاملاً مهماً من عوامل خوف الطفل من المدرسة , بينما تساعد العلاقات الأسرية الأكثر توافقاً ودفئاً وحباً على التقليل من مشاعر الخوف لدى أطفالها كما أنها تعد جرعة دائمة لتعزيز ثقة الطفل بنفسه وبأسرته وبالبيئة المحيطة به.
دور الأسرة في علاج الخوف المرضي من المدرسة :
أن الأسرة تعتبر أحد الأنظمة الاجتماعية الهامة التي يخلق فيها الطفل وينمو فيها ويكتسب كل عاداته وأخلاقه وذاته وشخصيته منها ولذا علينا الانطلاق أولاً من هذه الخلية ودورها لمساعدته في علاج الخوف من المدرسة لأن الطفل يؤثر ويتأثر بشدة بأسرته التي يمكن أن تكون سبباً هاماً في خلق المشكلة لدى الطفل لذا لا يكفي تغيير سلوك الطفل وإنما علينا تغيير أساليب الأسرة في التعامل مع بعضهم البعض .
وهناك ناحية أخرى هي أن مشكلة الطفل في هذه الأسرة سوف تؤثر على أخوته وأخواته الأصغر سناً لذا من الضروري على الأسرة التعاون مع طفلها ووضع حد للمشكلة . فالأسرة يجب عليها عدم حماية الطفل أو تدليله يعادل أو يساوي في نتائجه الخطأ في إهماله ونبذه , أما الصواب فهو اتخاذ موقف معتدل .
المعادلة الصعبة في التربية هي صعبة على الأمهات الجاهلات وتقل صعوبتها إلى الحد التي تكون الأم مثقفة ومدركة وزيادة ملاحظتها للولد الذي تربيه لذلك يجب :
1. تعامل الأم المتوازن بين التدليل والاهتمام .
2. معرفة أفضل المواقف التي يرتاح إليها الطفل من حيث الحنو والتدليل وترك الطفل على سجيته و تلقائيته .
ويجب على الأسرة أن تعوده الاعتماد على نفسه في المأكل والملبس والمنام ومحاولة ترتيب أدواته وألعابه الخاصة وهناك عبارات شائعة لدى الآباء والأمهات من شأنها أن تقتل المبادرة إلى حب المدرسة مثل ( إنك لا تتقن شيئاً) و(إنك إنسان لا جدوى منك ) , فيجب عليها أن تشجعه وتقول له أن كل إنسان مبدع وأن كل طفل يحب المدرسة ويحب ولو حتى مادة من المواد المدرسة
دور المدرسة في علاج الخوف من المدرسة :
تعد المدرسة مؤسسة من المؤسسات الاجتماعية والتربوية فهي تلعب
دوراً كبيراً وهاماً في بناء شخصية الطفل.
وللمعلم دور بالغ الأهمية في علاج الخوف عند الطفل من المدرسة
وتكوين الشخصية السوية السليمة و ذلك من خلال إكساب الطفل
ثقته بنفسه وإقامة علاقات صداقة معه وأن يقيم علاقة إنسانية
ولكن في حدود العلاقة المهنية .
ويجب على المعلم أن يشرك الطفل الخائف في المناقشة حتى يصبح
مشارك ونشيط وعلى المعلم عدم إجباره على المشاركة من خلال
التهديد أو العقاب لأنه إذا شعر بأنه مهدد فإنه سوف يعزز لديه الخوف
أثناء تواجده في المدرسة وفي النهاية سوف تحصل على طفل مكتئب
منطوي لا يعرف إلا البكاء.
والمعلم عليه إشراك الطفل في أنشطة متنوعة تنمي فيه روح المحبة
وتدفعه إلى التعاون مع رفاقه و يزيد من حبه للمدرسة إذا أحسن المعلم
القيام بدوره على أكمل وجه .
يجب على المعلم عدم تأديبه أمام أقرانه في الصف لأنه ذلك قد يلحق
لديه ردود فعل فيصبح انطوائياً و يزيد شعور الخوف لديه وخاصة من المعلم .
ويجب على المعلم أن يسند إلى الطفل القيام بمهام قيادية مثل جمع
الدفاتر من أصدقائه أو هو المسؤول عن الصف في غياب المعلم
أي شعوره بالمسؤولية والاعتماد على الذات. إذاً للمعلم دور هام في
العملية التربوية وخاصة عند التعامل مع هذا النمط من الأطفال
التوصيات و المقترحات
1- في خلال أسبوع العطلة الذي يسبق المدرسة يجب على الأب و الأم مناقشة أي موضوع يتعلق بمخاوف طفل من المدرسة . فالكلام عن موقف الخوف أكثر من معايشة المواقف ذاتها. لذلك يجب الابتعاد عن مناقشة الأسئلة مع الطفل أو أشعاره بالرهبة لأنه سيدخل المدرسة ويرى أناسا جدد . لذلك علينا أن نبتعد عن إثارة الخوف من خلال طرح أسئلة على الطفل .
2- حاول مساعدة الطفل على التغلب من أي إحساس بالخوف من المدرسة أو الاختلاط مع الأطفال الآخرين بالتحدث عن المدرسة و عن مزاياها بلغة مبسطة يفهمها . وحب المدرسة وكيفية التعامل مع الأصدقاء وازرع الطمأنينة في قلبه الصغير و عزز فيه الاعتماد على النفس وعلى تحمل الأعباء الجديدة أو قضاء ساعات طويلة دون أن يرى أمه بجواره .
3- عزز لديه الشعور بالمسؤولية , أي مسؤولية أداء واجباته المدرسية و بأنه يتميز بشخصية مستقلة وكيف ينتقي أصدقائه وكيف يحاول الدفاع