تنمية التفكير المنطقي في الطفل
لا بد أن يكون كل فرد من أفراد المجتمع الراقي المتحضر أن يكون تفكيره منطقيا ، أي أنه يفكر بعقلية ناضجة متفتحة ليمكنه بذلك أن يتعرف على جميع المعارف الموجودة في هذا العالم الفسيح ، وهذا لا يأتي إلا من خلال التعليم والتعلم 00 فعند الأطفال يعتمد التفكير اعتمادا جوهريا على إدراك العلاقات وكل ذلك من الذاكرة والتفكير يعتمد على الترابط ولا يكون الارتباط في الذاكرة بين الحقائق واضحا ولكن الطفل في عملية الاستدلال لا يربط فحسب بين موضوعين ولكنه علاوة على ذلك العلاقة بينهما 0 ويستطيع الأطفال دون سن السابعة أن يدركوا علاقات في أبسط وأعم صورها ، كعلاقات الزمان والكمية والتشابـهه والاختلاف وما أشبه ، طالما المادة المستخدمة بسيطة ومألوفة وملائمة لقدرتهم القاصرة على الملاحظة 0 ولكن الطفل لا يستطيع أن يلحظ هذه العلاقات من تلقاء نفسه إلا بعد سنوات 0
الاستدلال القياسي
لا يتوقف التفكير على إدراك العلاقات فحسب ، بل يتوقف كذلك على إدراك العلاقات بين العلاقات وذلك شرط الاستدلال المنطقي ، ويكون الطفل في مطلع هذه المرحلة قادرا على العمليات العقلية الأولية اللازمة للاستدلال الصوري ، ويكون التطور عبارة عن اتساع مدى الموضوعات التي يمكن أن تطبق عليها هذه العمليات ، وتنوع تلك الموضوعات وازدياد هذه العمليات العقلية وضوحا وإحكاما 0
الاستدلال الاستقرائي
حيث أن الاستقراء هـو أقرب أنواع التفكير للواقع الملموس ، فيجب الاهتمام به في هذه المرحلة المبكرة ، ولا بد من تعليم الطفل تطبيقه في الحياة اليومية 0
النـقـد المنطـقي
يـنمو التفكير البنائي في الطفل قبل التفكير الـهدمي ( النقـدي ) ويظل إلى الحادية عشرة من عمره غافلا عن دقائق المغالطات المنطقية في التفكير0 ويتصل ذلك بسمة سيكولوجية يتميز بـها الطفل وهي : القابلية الشديدة للاستهواء 0 فالطفل العادي يتقبل بسهولة مختلف الحقائق والآراء ومعظم اتجاهاته في الحياة وأفكاره عن العالم يستقيها عن هذا الطريق الذي يصفه البعض وصفا غير دقيق بأنه ( تقليد ) 0 ولا ترجع قابلية الطفل للاستهواء إلى قصور في تفكيره ، بقدر ما ترجع إلى قصور تنظيم معارفه وهنالك فضلا عن ذلك سبب انفعالي وهو أنه لا يزال إلى هذه السن مأخوذا بـهيبة الكبار ذوي النفوذ في حياته ومتوهما قدرته على كل شيء ، والقابلية للاستهواء عامل في غاية الأهمية في تربية صغار الأطفال ولكن حيث أنـهم قادرون في هذه المرحلة على النقد المنطقي وجب ألا نغفل تنمية قواهم النقدية وإذكائها حتى يتسنى للطفل أن يتعود الاعتماد على تفكيره الخاص والركون إلى مجهوده الشخصي ، وبالرغم من قولنا أن هذه القابلية للاستهواء مرجعها إلى قصور المعرفة المنظمة لا إلى نقص في القدرة على التحليل المنطقي ، وهكذا يظل تفكيرهم حتى هذه السن في المستوى الحسي الجزئي ، ولذلك لا ينبغي أن تنعزل مواد الدراسة بعضها عن بعض ، بل ينبغي أن تتناولها المدرسة في ارتباطها الوثيق بخبرة الطفل المحسوسة