الطفل منذ اللحظة الأولى بعد الولادة يصبح مسئولية الأب و الأم ( خاصة الأم ). لذلك على جميع الآباء و الأمهات أن يكونوا على وعي و معرفة شاملة كيفية التعامل مع الطفل منذ اللحظة الأولى و في كل مرحلة من مراحل نموه المختلفة. حاولي أن تكوني أما مثالية و تقومي بتربية طفلك على أسس علمية سليمة ليصبح أفضل ما يمكن.
و نصيحتي لكي... ابتعدي عن أي أقاويل أو تجارب سابقة للأقرباء أو المعارف. فهناك العديد من المعتقدات الخاطئة المنتشرة، و التي يعتقد الكثير من الناس أنها صحيحة.
1 - النوم و الطفل حديث الولادة
Sleep & Newborn
" هل ينام طفلك الرضيع خلال الليل ؟ " سؤال يتردد كثيرا لجميع الآباء الجدد. و الإجابة المعتادة تكون" لا " بدون وعي أو معرفة بنظام نوم الطفل الرضيع. فبالطبع لا يمكن مقارنة نوم الرضيع بنومنا نحن.
كم ساعة ينام طفلي الرضيع؟
الطفل حديث الولادة ينام 16 ساعة تقريبا يوميا ( أحيانا أكثر من ذلك ). و تتوزع تلك الساعات على غفوات متعددة طوال اليوم. كل غفوة تكون 3 - 4 ساعات تقريبا. و مراحل النوم للرضيع هي نفسها عند البالغين: الخمول drowsiness، غفلة العين rapid eye movement، النوم الخفيف light sleep، النوم العميق deep sleep، و النوم العميق جدا very deep sleep. و كلما زاد عمر الرضيع كلما قلت ساعات النوم تدريجيا. في بادئ الأمر، تسبب تلك الغفوات القصيرة المدة القلق للأم لأنها بالطبع لا تتوافق مع نمط النوم الطبيعي للأم. لكن على الأم أن تصبر فتدريجيا يكبر الرضيع و يبدأ التكيف على نمط الحياة خارج الرحم.
هل أقوم بإرضاع طفلي أثناء النوم؟
إن الطفل الرضيع لا يستطيع التمييز بين النهار و الليل. و حيث أن معدته صغيرة جدا فلا يستطيع أن تمتلئ بكمية من اللبن ( سواء طبيعي أو صناعي ) تكفيه أن يبقى فترة طويلة دون الحاجة إلى الرضاعة. فالرضيع يحتاج كل ساعات قليلة جدا إلى الرضاعة سواء كان الوقت بالنهار أو الليل، فالاثنان بالنسبة له سواء.
في البداية تكون حاجة الرضيع للغذاء ( الرضاعة ) أكبر من حاجته للنوم. و العديد من الأطباء ينصحون الأم بعدم ترك الرضيع ينام لفترة طويلة دون رضاعة. فيجب إرضاع الطفل كل 3 ساعات على الأقل، و تقل المدة كلما كان الطفل وزنه قليل عند الولادة أو كان الطفل مبتسر ( مولود قبل اكتمال الميعاد المحدد له ). و الطفل المعتمد على الرضاعة الطبيعية يشعر بالجوع أسرع من الذي يرضع لبن صناعي. لذلك يجب عدم تركه نائم دون رضاعة أكثر من ساعتين خلال الأسابيع الأولى.
أين ينام طفلي الرضيع؟
في الأسبوع الأول للرضيع يجعل الكثير من الآباء الرضيع ينام معهم في السرير. و لا ينصح بذلك فهناك خطورة أن يختنق الطفل. و قد أثبتت أخر الأبحاث أن نسبة حدوث متلازمة الموت المفاجئ عند الرضع sudden infant death syndrome - SIDS تزداد في الحالات التي ينام فيها الرضيع في نفس السرير مع الآباء.
و يساعد على ذلك وضع روتين ثابت صحيح منذ البداية. كيفية النوم تعتمد بطريقة كبيرة على العادات المتبعة عند النوم. و يعتمد الجسم على الإشارات التي تشير أنه وقت النوم. و بذلك عند وضع الرضيع منذ الولادة في سريره الخاص للنوم يبدأ الرضيع يتعود أن هذا مكان النوم. و الرضيع لا يستطيع التمييز بين النهار و الليل إلا بعد بضع أسابيع من الولادة. و الشيء الوحيد الذي يساعده في اجتياز تلك الفترة هي تثبيت الروتين اليومي بقدر الإمكان.
ما هي الشروط الصحيحة لنوم الرضيع؟
- عدم وضع أي شيء في سرير الطفل يمكن أن تؤثر على تنفسه الهواء جيدا. و يتضمن ذلك اللعب الطرية، المخدة أو الوسادة.
- تجنب الأشياء التي لها حبل أو رباط. كذلك الأشياء التي لها حواف أو زوايا حادة.
- وضع الطفل على ظهره أثناء النوم، و ليس على بطنه. فنسبة حدوث متلازمة الموت المفاجئ للرضع SIDS تقل بنسبة 50% عند نوم الطفل على ظهره.
فعند نوم الطفل على بطنه يجعله عرضه للاختناق أثناء النوم لأنه لا يستطيع إيقاظ نفسه لتغيير وضع رأسه أثناء النوم و بالتالي يمكن أن يستنشق ثاني أكسيد الكربون الخاص به دون أن يستطيع فعل شيء. كذلك يمكن أن يختنق نفس الطفل في فرش السرير.
كيف أشجع طفلي حديث الولادة على النوم؟
الشهور الأولى للطفل تكون أصعب الأوقات بالنسبة للآباء فكثيرا يستيقظ الآباء كل بضع ساعات بسبب الطفل. كل طفل مختلف عن الأخر في أسلوب نومه أثناء الليل. و عندما يصل الطفل إلى عمر شهران فإنه غالبا ينام 6 - 8 ساعات أثناء الليل.
و على الأم أن تحاول تعديل الساعة البيولوجية للطفل في اتجاه النوم أثناء الليل، و ذلك عن طريق:
- تجنبي أي إثارة للطفل أثناء إرضاعه أو تغيير الحفاض له خلال الليل.
- اجعلي إضاءة الغرفة خافتة.
- قاومي أي محاولة من الطفل للعب أو الكلام معه.
- لا تحاولي أن تبقي الطفل مستيقظ طوال النهار على أمل أن ينام ليلا جيدا. فعلى العكس عندما يكون الطفل متعب و مرهق فذلك يجعل النوم أصعب أثناء الليل. أما إذا حصل على قدر مناسب من النوم أثناء النهار، فذلك يساعده على النوم ليلا بسهولة.
- كل ذلك يجعل الطفل يستوعب أن الليل هو وقت النوم.
- حافظي على وضع روتين يومي للطفل وقت النوم. مثال ذلك الاستحمام، قراءة قصة له، سماع موسيقى هادئة، غنائك له ... كل ذلك يرتبط مع الطفل بوقت النوم، فيبدأ النوم بهدوء و دون أي مشاكل. حتى و إن لم يستوعب الطفل كل ذلك بسبب عمره الذي لا يتعدى الأسابيع، فذلك يضع له أسس ثابتة تساعدك فيما بعد عندما يكبر قليلا.
إن لم تنجح الطرق السابقة مع طفلك، فلا مانع أن تقومي باحتضانه و هزه برفق مع بعض الدندنة البسيطة منكي " هوووه ". تدليل الطفل في الشهور الأولى من عمره ليس مشكلة. على العكس تماما فقد أثبتت أخر الأبحاث أنه كلما زاد الاهتمام بالطفل أثناء اليوم، كلما قل إصابته بالمغص.
متى يتم اللجوء للطبيب؟
- إذا بلغ الطفل 4 شهور و لا ينام بقدر كافي أثناء الليل.
- إذا كان الطفل عصبي جدا و لا تستطيع الأم تهدئته.
- إذا وجدتي صعوبة دائمة في إيقاظ الطفل من النوم و يكون غير مهتم بالرضاعة.
2 - اللعب و التعلم لمولودك الجديد
Learning, play, and your newborn
اللعب هو الطريقة الأولى التي يتعلم بها الطفل كيف يتحرك، يتصل مع المحيطين به، و يكتشف البيئة المحيطة به. و أثناء الشهر الأول للطفل الرضيع يبدأ التعلم من خلال التفاعل مع الأم. و يمكن للأم أن تشجع مولودها الجديد على التعلم عن طريق تحفيز أحاسيسه بطرق إيجابية. و مثال ذلك الابتسامات، الصوت الهادئ، و المداعبات اللطيفة له.
ماذا يتعلم الطفل الرضيع؟
بالرغم من صغر عمر المولود الجديد إلا أنه يكون مستعد للتعلم من العالم حوله. و المولود الجديد يحب النظر إلى الوجوه خاصة وجه الأم. و يستطيع أن يميز صوت الأم خلال الأيام و الأسابيع الأولى من عمره. و يستجيب الرضيع لصوت الأم أو أي صوت مثير فيبدأ النظر باهتمام و يقلل من حركته. و قد يحاول الرضيع أن يبحث عن مصدر الصوت فيحرك رأسه و ينظر حوله.
عندما تتكلم الأم و تبتسم لرضيعها فإن صوتها و وجهها يصبح مألوف للرضيع، و يعطيه الشعور بالراحة و الهدوء و الاطمئنان. و يتعلم الرضيع بذلك أن يربط بين الأم و الحصول على الغذاء و الدفء و اللمسات الحنونة. و الطفل الرضيع يكون لديه ردود أفعال لبعض المؤثرات مثل اللمس. و تلك ردود الأفعال تعطي فرصة للرضيع للتفاعل مع العالم حوله. فمثلا هناك رد فعل يسمى rooting reflex فعند تحريك اليد بلطف على خد الرضيع يستجيب لذلك عن طريق أن يدير رأسه و فمه إلى ذلك الجانب مستعدا أن يأكل. و بعد أن يصبح عمره 3 أسابيع يدير الرضيع رأسه نحو ثدي الأم أو البيبرونة تلقائيا . ليس فقط نتيجة رد الفعل السابق ذكره، لكن لأنه قد تعلم أنه مصدر الغذاء. و بذلك يبدأ الرضيع أولى خطوات التعلم.
خلال الشهر الأول يقضي الرضيع أغلب اليوم في النوم. ثم في الأسابيع و الشهور القادمة ينضج الرضيع و يكون مستيقظ أو يقظ لفترات أطول من الوقت. و من الضروري أن تعرف الأم متى يصبح الطفل الرضيع يقظ و يكون مستعد أن يلعب و يتعلم و متى يفضل أن يترك وحده. فعندما يكون الطفل هادئ و يقظ يكون متجاوب و مهتم بكل المحيط حوله.
و عندما يكون الطفل الرضيع مستيقظ لكن يتحرك كثيرا يحرك يديه و ساقيه كثيرا و ليس في حالة هدوء يكون أقل قدرة على التركيز مع الأم. و قد يبدأ بالبكاء عندما تحاول الأم لفت انتباهه لها. و هذه علامة أن الطفل غير مهيأ للتعلم في ذلك الوقت. و مع مرور الوقت تستطيع الأم تحديد الوقت المناسب لتعليم طفلها الرضيع.
كيف تشجع الأم مولودها الجديد على التعلم؟
- بينما تعتني الأم بمولودها الجديد، يتعلم الرضيع أن يتعرف على لمسات الأم و صوتها و ملمس وجهها.
- في الأسابيع الأولى يمكن أن تقدم الأم لمولودها الجديد بعض الألعاب البسيطة المناسبة لعمره التي تنمي حاسة البصر، السمع، و اللمس عند الطفل الرضيع. و مثال تلك الألعاب: الخشخيشة، الألعاب التي بها موسيقى، الألعاب النسيجية مثل الدباديب الصغيرة.
- على الأم تغيير ألوان و أنماط اللعب التي تقدمها للرضيع. و عليها اختيار الألوان الصريحة الواضحة مثل الأحمر، الأسود، الأبيض فذلك يحفز نمو الرؤية لدى الرضيع. و كلما تحسنت رؤية الطفل كلما زاد تفاعله مع البيئة المحيطة به.
و سوف تستعرض بعض الأفكار لتشجيع المولود الجديد للتعلم و اللعب:
- قومي بتشغيل موسيقى هادئة لطفلك ثم قومي بضمه إلى صدرك و دندني بلطف لحن الموسيقى.
- اختاري أغنية هادئة أو دندنة بلحن معين و غنيه باستمرار لطفلك. فذلك يجعل الطفل الرضيع يألف الصوت و الكلمات و اللحن و يكون لهم تأثير جيد في تهدئته خاصة في الأوقات الصعبة.
- ابتسمي و قومي بعمل تعابير مختلفة بوجهك لتجعلي الطفل يتعلم و يقلد.
- استعملي لعبة مفضلة للطفل و حركيها أمام عينه ليركز عليها و يتتبعها أو قومي بتحريك الخشخيشة لتجعليه يبحث عن مصدر صوتها.
- اتركي رضيعك يقضي بعض وقت استيقاظه و هو على بطنه لتساعديه في تقوية عضلات الرقبة و الأكتاف. و راقبيه باستمرار و هو في ذلك الوضع و ساعديه إذا شعرتي انه تعب منه. و لا تجعليه أبدا على بطنه أثناء النوم. فالوضع الأمثل لنوم الطفل يكون على ظهره لتقليل خطر حدوث متلازمة الموت المفاجئ للطفل الرضيع SIDS - sudden infant death syndrome.
- تكلمي باستمرار مع طفلك الرضيع.
و يجب على الأم أن تتذكر أن الأطفال ينموا بنسب متفاوتة و هناك مدى واسع في التطور الطبيعي للطفل. لكن إذا كان لدى الأم شكوك من عدم قدرة المولود على الرؤية أو السمع، أو إذا شعرت أن مولودها لا ينمو بصورة جيدة فيجب ألا تتهاون في التوجه للطبيب.
3 - العناية الطبية و مولودك الجديد
Medical Care and Your Newborn
يحتاج الطفل حديث الولادة العناية الطبية خاصة خلال السنة الأولى من عمره. و يفضل أن تقوم الأم بزيارة طبيب الأطفال قبل موعد الولادة و استقبال الطفل الجديد خاصة إذا كانت التجربة الأولى لها في الإنجاب. و ذلك حتى تستفسر منه على بعض النقاط الهامة مثل:
- متى يجب أن تقوم بإحضار الطفل للطبيب أول مرة.
- متى تبدأ إرضاع الطفل، كم ساعة ينام الطفل، أين ينام.
- ما المشاكل التي يمكن أن تتعرض لها بسبب الرضاعة الطبيعية و كيف تتعامل معها.
- ما هي أرقام تليفون الطبيب في الحالات العادية و في حالات الطوارئ. و متى يجب عليها أن تتصل بالطبيب فورا.
و بذلك تكون الأم مهيأة نفسيا لاستقبال مولودها الجديد. و تصبح على وعي بكيفية التعامل مع مولودها بطريقة علمية بدلا من الاستماع للأقاويل و التجارب الشخصية و المفاهيم الخاطئة للأقارب و الأصدقاء. و قد تبدو تلك المواضيع بسيطة و سهلة و يستهين بها البعض. لكن على الأم أن تعلم و تتأكد أن تربية الطفل تبدأ منذ اليوم الأول
ما هي أولى خطوات العناية الطبية بالطفل المولود؟
غالبا يتواجد بالمستشفى التي يتم الولادة بها طبيب أطفال. يطمئن على الطفل و يقوم بالكشف الطبي لتقييم حالة الطفل. و ذلك من خلال:
- قياس الطول، الوزن، و محيط الرأس.
- قياس درجة حرارة الطفل، التنفس، و معدل نبضات القلب.
- يقوم بفحص لون جلد الطفل ( إذا وجد أي اصفرار ) و كذلك نشاط الطفل و حركته.
- يقوم بإعطاء الطفل قطرة مضاد حيوي للعين للوقاية من حدوث أي التهاب بالعين.
متى تتم أول زيارة لطبيب الأطفال؟
عادة يتم زيارة طبيب الأطفال بعد أسبوع أو أسبوعان من الولادة.
و يقوم الطبيب بالآتي:
- قياس الطول، الوزن، و محيط الرأس و المقارنة بينها و بين ما تم قياسها بعد الولادة مباشرة بالمستشفى.
- تقييم النظر، السمع، و ردود أفعال الطفل.
- كشف طبي كامل على كل أعضاء الجسم.
متى يجب على الأم الاتصال بالطبيب فورا؟
لا يجب على الأم أن تتردد بالاتصال بالطبيب في الحالات الآتية:
- إذا شعرت أن الطفل ينام عدد ساعات أكثر من المعتاد.
- قد تحدث مشاكل بعين الطفل بسبب انغلاق القناة الدمعية الموجودة في الجزء الداخلي من الجفن السفلي للعين. و يتسبب ذلك في إفرازات بيضاء من العين و قد تتسبب في عدم قدرة الطفل على فتح عينيه جيدا.
- ارتفاع درجة حرارة الطفل أكثر من 37.5 درجة سيليزية عند قياسها من تحت الإبط ( أو أكثر من 38 درجة سيليزية إذا تم قياسها من فتحة الشرج ).
- وجود رشح بالأنف و صعوبة تنفس الطفل خاصة أثناء الرضاعة.
- عادة يكون براز الطفل المولود لين. لكن إذا لاحظتي أن البراز لين أكثر من الطبيعي و كأنه مائي فيجب إبلاغ الطبيب. فخطورة الإسهال في الطفل المولود هو الجفاف الذي يظهر في صورة جفاف الفم و قلة عدد مرات التبول ( أقل من 6 مرات في 24 ساعة ).