لم تكن كربلاء قبل الفتح الاسلامي على مستوى كبير من الشهرة، بل لم يرد ذكرها في التاريخ الاّ نادرا، وخصوصاً في عرض الكلام عما كان يقع في الحيرة وقرية الطف من الوقائع - بل كانت هي قرية بسيطة عليها مزارع وضياع، وكان سكانها أهل حراثة وزراعة.
وفي صفحات التأريخ نقرأ: (على أثر الفشل الذي مني به القائد سعد بن أبي وقاص والموفقية التي حازها خالد بن عرفطة في فتح ساباط أولا، ثم استتبعه فتح البقية المدائن عاصمة الدولة الساسانية، وتكلل فوز المسلمين بأكاليل النصر، وتم لهم الغلبة، أرغم يزدجرد الملك بالانسحاب والتقهقر مقهورا الى اصطخر، فارس، عطفوا عندها باتخاذ قاعدة تكون معسكرا لهم على تخوم الجزيرة، فاختاروا كربلاء ولتمنع ساكنيه من التسليم والخضوع لارادتهم قصدهم خالد بن عرطفة وفتح كربلاء عنوة وسبى أهلها، وقسم سعد أرباضها بين أصحابه، ونزل كل قوم في الناحية التي خرج سهمه بها، فأحيوها.
ومن المحتمل ان المسلمين خففوا لفظ كربلا من كور بابل كما خففوا لفظ بورسيا بلفظ برس، وهو لغة نبطي بابلي، على ان كربلا ومطلق القطع المتلاصقة ببعضها هي ضواحي القسم الغربي من مدينة بابل.
في مبدأ الفتح في عهد خلافة أبوبكر، عندما هادن أهل الحيرة - دهاقين الفرات الاوسط - خالد بن الوليد، شكا عبد الله بن وثيمة النصري ذباب كربلاء، وقال رجل من أشجع:
لقد حبست في كربلا مطيتي*** وفي العين حتى عاد غثاً سمينها
اذا رحلت من منزل رجعت له*** لعمري وأيها انني لأهينها
ويمنعها من ماء كل شريعة***رفاق من الذبان زرق عيونها
وتناقلت الألسن أنباه الشكوى والشعر وأحيط بعلم الخليفة عمر بن الخطاب في حينه فعند وصول كتاب سعد يخبره بما قام به، لم يرتضه للمسلمين معسكراً. وأمر سعد بتحويلهم ونقلهم منها، فحولهم سعد من كربلاء الى سوق حكمه، ويقال الى كويفة ابن عمر دون الكوفة.
وأغفل ذكر كربلاء بعدها، الى أن ولي أمير المؤمنين علي سلام الله عليه الخلافة فوردها عند مسيره لحرب معاوية في سهل صفين، فوقف عندما بلغ هذه الارض وأخبر عما سيكون لولده الحسين عليه السلام من الحوادث والشؤون فيها.
والمستفاد من ذلك لم يكن محل موقفه الذي وقف فيه واخبر عن ذلك سوى صحراء خالية لا أثر بها خلا بعض نخيلات.
على إن هذا لا يكون دليلاً قاطعا على عدم وجود عمران وأبنية فيها. اذ من الجائز أن تكون الوقفة الشريفة على بعض نواحيها لا نفس موقعها. أو أنه من الجائز أن أخذت الى الخراب والدثار بعد ترك سعد بن أبي وقاص لها، وتحوله عنها الى موضع الكوفة، بعد أن سبا أهلها، فلم يسكنها أحد بعد ذلك اللهم الا بعض الصعاليك.
وأخذت الى التقهقر يوما بعد يوم حتى أن قضت آخر أدوارها في زمن وجيز.
ورغم اهمال المؤرخين والجغرافيين عن تعريف موقعها بشكل واضح. حفظت لنا يد التواتر محلها وأقام براهينه وجود الأطلال والهضبات الحاكية لنا عن قديم آثارها.
يوجد اليوم على بعد بعض أميال في القسم الشمالي الغربي من مدينة كربلاء باتجاه ضريح الحر بن يزيد الرياحي في أرض (القرطه) و(الكمالية) أكمّ وأطلال قيل انها كربلاء الأصلية.
وقبل سني الحرب العالمية الاولى كان بعض أفراد من (مطره) يستخرجون من نفس الأطلال طابوق فرشي ضخم سلطاني يحملونه على حميرهم الى كربلاء لبيعه على الأهلين كوسيلة للعيش والارتزاق.
في الجنوب الشرقي من البلدة المشرقة قطعة أرض يطلق عليها لفظة (كربله) بالهاء وليس التاء المربوطة. ويزعم انها القرية التي كانت عليها المزارع حين ورود أبي عبد الله عليه السلام اليها. ومنها اشتق الاسم لهذه البلدة. وقد بنا بها النواب (ناصر علي خان اللاهوري) بناء جليلا. وبذل الأموال الجزيلة لاعمار هذه القطعة من الأرض بعد أن ابتاعها من الحكومة العثمانية. ولما كانت تتصل بهور السليمانية فقد تكرر اطلاق الماء عليها. وذهبت بمجاسنها ولم يبق بها الا القليل من ذلك.
ولم يحدثنا التأريخ عن كربلاء، عقب وقوف أمير المؤمنين عليه السلام، الا بعد مرور ربع قرن من الزمان.
وقد جاء في أحد الكتب القديمة ما نصه:
فموقع (كربلاء) اليوم، واقع على بعد بضع أميال في الشمال الغربي من بلدة كربلاء - الحالية - مما يلي أرض القرطة، وهو مكان مرتفع يسمى باصطلاح اليوم: الظهيرة أو العرقوب. ويبعد موقعها عن قبر الحر بم يزيد الرياحي حوالي سبعة آلاف متر.
ولم تكن مدينة كربلاء المقدسة عامرة يوم ورود الإمام الحسين عليه السلام لها يوم الخميس الثاني من المحرم سنة 61 هـج وهو على ظهر جواده على شفير ذلك الوادي، الا بعض قرى تحف أطرافها ك(شفيه) و(الغاضريات) و(نينوى) و(ماريه) و(العقر) التي بقيت كآخر أثر للبابليين يزال قائماً.
ولم يرتض الإمام الحسين عليه السلام من أسماء القرى التي أخبروه بها سوى اسم كربلا. اذ عندما طرقت لفظتها مسامعه الشريفة.. ارتضاها من غير تأن ولا توان. فلم يكد أن قال: هي هي هي والله محط رحالنا ومناخ ركابنا ومسفك دمائنا. ثم أمر بأثقاله فحطت وبسرادفه فأقيمت. ثم كان من أمره ما كان ليوم التاسع من نزوله سلام الله عليه. كربلا....
فأخذت لفظتها بعد وقوع هذا الحادث الأليم مما جرى على بسيط أديمها من مأساة عاشوراء المعروفة. أنظر (ملحمة الطف)
ومن ذلك الحين ذاع صيت كربلاء في الآفاق.
وقد جاء ذكرها في أشعار العرب ودواوينهم. ففي أول بيت شعر وردت لفظتها:
أبكي قتيلاً بكربلا........
ثم البيت:
غادروه بكربلا صريعاً***لا سقى الله جانبي كربلا
ثم تلاها قول السهمي:
مررت على قبر الحسين بكربلا*** ففاض عليه من دموعي غزيرها
وقوله:
سلام على أهل القبور بكربلا***وقل لها مني سلام يزورها
وقول كشاجم:
وأظلم في كربلا يومهم***ثم تجلى وهم ذبائحه
وقول السوسي:
كم دموع ممزوجة بدماء***سكبتها العيون في كربلاء
وقول منصور النمري :
بيثرب كربلاء لهم ديار***نيام الاهل دارسة الطلول
وقول الزاهي
وأضحى بكم كربلا مغربا***كزهر النجوم اذا غورت
الى ما هنالك من ذكر لفظتها، وان أردنا استيعاب ذلك لم تسعنا المجلدات لكثرته اذ لم يخل بيت شعر رثي به الحسين عليه السلام من ذلك.
هذا وموضع تلك الواقعة، صار مقصد الراغبين وبغية الطالبيين، بعد قيام الأسديين من أهل الغاضريات بدفن الجثث الطاهرة، والأجساد المضرجة بالدماء التي أريقت بسيف البغي والعدوان. الا ان أشلائهم لم تدفن كلها في صعيد واحد. اذ لم ترض بنوا تميم ترك جسد الحر بن يزيد (رض) عند تلك الاشلاء، فأخذوه الى موضع قبره المعلوم حالياً. صور وخرائط + مزارات ومعالم
وأول من زار الحائر بعدما حازت تربتها تلك السعادة الأبدية، عبيد الله بن الحر الجعفي لقرب موضعه منها - اذ كان على الفرات -
حيث وقف على القبر الشريف واستعبر باكياً متأوها كمدا على ما فاته من القيام بالسعادة وفوزه بمراتب الشهادة بين يدي سيد السادة. منشدا أبياته الشهيرة التي يقول فيها:
فواندمي أن لا أكون نصرته *** ألا كل نفس لا تسدد نادمه
وإني لأني لم أكن من حماته،*** لذو حسرة ما إن تفارق، لازمه
سقى الله أرواح الذين تآزروا*** على نصره سقياً، من الغيث، دائمه
وقفت على أجدائهم ومحالهم ***فكاد الحشى ينقض والعين ساجمه
لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى***سراعاً الى الهيجا حماة ضبارمه
تأسوا على نصر ابن بنت نبيهم*** بأسيافهم آساد غيل ضراغمه
فان يقتلوا فكل نفس زكية،***على الأرض قد أضحت لذلك واجمه
وما أن رأى الراؤن أصبر منهم ***لدى الموت سادات وزهراً قماقمه
وهناك ورد وفد جابر ابن عبد الله الأنصاري في جماعة من الهاشميين، يوم العشرين من صفر سنة الشهادة. وقد عد البعض ذلك ضرب من المستحيل ان كان واردا من الحجاز لما يستغرق من الوقت لوصول الخبر الى المدينة ثم مجيئهم الى كربلاء. ولا يمكن تعليل ذلك الا بوجود جابر في محل قريب من كربلاء عند بلوغه الخبر فأمكنه الوصول في ذلك اليوم - أو انه قد وفد في السنة التي تلت سنة الشهادة.
وعندما بلغ جابر الغاضرية، اغتسل في شريعتها وتقمص بأطهر ثيابه، وتطيب بسعد كان مع صاحبه عطاء. ثم سعى نحو القبر الشريف، حافي القدمين وعليه امارات الحزن والكآبة، حتى وقف على الرمس الكريم، انكب ووقع مغشياً عليه... وعند اقامته من غشوته، سمعه عطاء يقول: السلام عليكم يا آل الله.
ثم ذكروا ملاقاته للإمام السجاد علي بن الحسين عليهما السلام - في ذلك اليوم - مع أهل بيته راجعاً من الشام، وهو حامل للرأس الشريف وسائر الرؤوس لالحاقها بالخبث الطاهرة - أو الرأس الشريف فقط - بعد اطلاق سلبيهم من قيد الأسر.
ان التصدي لتوثيق صحة هذا الخبر وتأكيده، لهو من الاستحالة بمكان. اذ كيف تسنى للإمام السجاد عليه السلام الوصول بهذا الزمن القصير، مع ما هم عليه من المصائب والحزن على استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، حيث قادوهم من ساحة كربلاء الى الكوفة وبقائهم بها مدة استئذان عبيد الله بن زياد ليزيد بن معاوية في حملهم اليه، وتسييرهم بعد صدور ارادة يزيد وقد ساروا بهم على طريق الفرات، واجتازو بهم حلب حتى دخلوا بهم الشام في اليوم السادس عشر من ربيع الاول على ما نص عليه عماد الدين الحسن بن علي الطبرسي في كتابه الموسوم بـ: الكامل البهائي (61 صنيع الدولة). مع انه لم نقف على مدة اقامتهم بالشام. الا وقد ورد انهم أقاموا شهرا في موضع لا يكفهم من حر ولا برد (بحار ج 21: ص 203) فنرى من ذلك انه من الصعوبة بمكان قدوم السجاد وأهل بيته من الشام في نفس السنة التي استشهد فيها الحسين وفي نفس ذلك اليوم. ولا يمكن تعليل ذلك، سوى ما ذكرناه من تعليل آنف لمجيء جابر الأنصاري (رض) لكربلاء وهي ورودهم لها في السنة التي تلت الحادية والستين. وورت تفسيرات أخرى لانرى أن من المناسب ذكرها في هذا النص المختصر.
ولم تكن كربلاء في القرن الاول الهجري عامرة، مع ما كان في أنفس الهاشميين وشيعتهم من شوق ولهفة في مجاورة قبر سيد الشهداء لم يتمكنوا من اتخاذ الدور واقامة العمران خوفا من سلطان بني أمية.
وقد أخذت بالتقدم في أوائل الدولة العباسية، ورجعت القهقري في أيام الرشيد. وقد ازداد خرابها في أيام المتوكل لأنه هدم قبر الإمام الحسين الحسين عليه السلام فرحل عنها سكانها.
ثم أخذ الشيعة في أيام المنتصر يتوافدون الى كربلاء ويعمرونها. (وكان أول علوي سكنها، وهو تاج الدين ابراهيم المجاب حفيد الامام موسى بن جعفر عليهما السلام، وقد وردها في حدود سنة 247 هجرية). واتخذت الدور عند رمسه، وقامت القصور والأسواق حوله ولم يمض قرن أو بعض قرن، الا وحول قبره الشريف مدينة صغيرة بها آلاف النفوس.
وقد زارها السلطان عضد الدولة بن بويه سنة 370 هجرية، وكانت قرية عامرة بالسكان، وعدد من جاور القبر في ذلك العهد من العلويين فيها خاصة ما يربوا على ألفين ومائتين نفس. فأجزل لهم عضد الدولة في العطايا، وكان ما بذل لهم مائة ألف رطل من التمر والدقيق ومن الثياب خمسمائة قطعة.
ووصف الصنجي حال عمرانها وقد وردها بعد تمام القرن السابع وأول القرن الثامن، قال: « هي مدينة صغيرة تحفها حدائق النخيل ويسقيها ماء الفرات، والروضة المقدسة داخلها وعليها مدرسة عظيمة وزاوية كريمة فيها الطعام للوارد والصادر. وعلى باب الروضة الحجاب والقومه، لا يدخل أحد الا عن أذنهم، فيقبل العتبة الشريفة وهي من الفضة، وعلى الضريح المقدس قناديل الذهب والفضة، وعلى أبواب أستار الحرير. وأهل هذه المدينة طائفتان: أولاد (زحيك) وأولاد (فائز)، وهم جميعاً امامية يرجعون الى أب واحد.
و في نفس التأريخ وصفها المؤرخ والجغرافي الشهير حمد الله المستوفي بقوله: « وغربي الكوفة بثمانية فراسخ في صحراء كربلاء مشهد الحسين (عليه السلام) المعروف بـ (المشهد الحائري). وقد ذكر في عهد الخليفة المتوكل انه أجرى الماء عليها بقصد تخريبه حتى حار الماء عند قبره الشريف وظلت البقعة الطاهرة عند القبر جافة. وقد شيد عمارته عضد الدولة فنا خسرو الديلمي. وحول هذا الموضع قرية مساحتها ألفين وأربعمائة خطوة ».
ولم يغفل الجغرافيون المسلمون الأوائل عن ذكر كربلاء. ولكن مع بالغ الأسف اقتصروا في ذكرها فقط على انها مدينة تقع في غربي الفرات بحذاء قصر ابن هبيرة.
وكان أكثرهم ذكراً عنها هو ابن حوقل النصيبي الذي قال: وكربلا من غربي الفرات فيما يحاذي قصر ابن هبيرة، وبها قبر الحسين بن علي صلوات الله عليهما. وله مشهد عظيم وخطب في أوقات من السنة بزيارته، وقصده جسيم.
وقد أكثر المتأخرون من وصفها والاشادة بها. فكان ممن وصفها القاضي نورالله الشوشتري - في القرن العاشر - وصفاً يسيراً في مجالسه (ص 25) بقوله:.... والحال ان مشهد كربلاء من أعظم الأمصار ومجمع أخيار كل الديار، والماء العذب يجري في غدرانها. والبساتين الغناء تحيطها. وقد قليل في فضيلة تربة كربلاء وثواب زيارة المرقد المنور الحسيني روايات كثيرة. ومعظمها صيغة بصورة شعرية.
وقد زارها الرحالة عباس المدني في القرن الثاني عشر فوصفها في (نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس ص 84) بقوله: فلما أسفر الصباح عن وجه الهنا والانشراح رابع ربيع الأول، عام ألف ومائة وواحد وثلاثين من هجرة النبي المرسل، توكلنا على الرب العلي ورحلنا من مشهد علي قاصدين زيارة الشهيد المبتلى المدفون بكربلا الحسين بن علي ومن معه من الشهداء الصابرين رضوان الله عليهم أجمعين. ففي خامس الشهر المذكور أتينا على موضع يقال له الخان الأخير ومررنا في طريقنا بقبر النبي ذي الكفل عليه السلام فزرناه وبلغنا المرام. وفي سادس الشهر دخلنا أرض الحائر، مشهد الحسين الطاهر. سلام الله عليه، وعلى جده وأبيه، وأمه وأخيه، وسائر مواليه ومحبيه: لله أيام مضت بكربلا محروسة من كل كرب وبلا بمشهد الحسين ذو العلا ونسل خير الخلق من كل الملا.
حتى يقول: فتشرفت والحمد لله بالزيارة، ولاح لي من جنابه الشريف اشارة، فاني قصدته لحال، وما كل ما يعلم يقال. وقرت عيني بزيارة الشهيد علي الأصغر بن مولانا الحسين الشهيد الأكبر. وزيارة سيدي الشهيد العباس بن علي بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وأما ضريح سيدي الحسين: فيه جملة قناديل من الورق المرصع. والعين ما يبهت العين. ومن أنواع الجواهر الثمينة، ما يساوي خراج مدينة. وأغلب ذلك من ملوك العجم. وعلى رأسه الشريف قنديل من الذهب يبلغ وزنه منين بل أكثر. وقد عقدت عليه قبة رفيعة السماك متصلة بالأفلاك. وبناؤها عجيب، صنعة حكيم لبيب.
وقائع وحوادث من تأريخ مدينة كربلاء المقدسةكربلاء
حادثة المناخور
في سنة 1241 م وقعت واقعة عظيمة تعرف بواقعة المناخور - أمير الآخور - أي أمير الاصطبل. وذلك ان الدولة العثمانية كانت في ذلك الزمن ضعيفة لاحتلال الجيش الانكشاري واستقلال البلاد القاصية واشغالها بمحاربة العصاة في البلقان وطموح محمد علي والي مصر الى الاستقلال واستقلال علي باشا ذلتلي تبه في ألبانيا.
وكان واليا على العراق آن ذاك داود باشا وكان، مشهورا بالدهاء وفرط الذكاء. الا انه كان شديد الحرص على الانسلاخ من جسم الدولة، والاستقلال بالعراق اسوة بمن تقدمه. فسعى بادئ ذي بدئ الى جلب قلوب الاهالي بما أنشأ من العمارات والبنايات والجوامع والتكايا. وقرب علماء العراق وبالغ في اكرامهم ونظم جيشا كبيرا وسلحه على الطراز الحديث.
وقام بعد ذلك يدعوا الناس الى بيعته. ولكثرة ما كان لديه من الأعوان بايعته أكثر مدن العراق إلا مدينتي كربلاء والحلة، إذ رفعا راية العصيان. وعند ذلك سير جيشا ضخما بقيادة أمير اصطبله. تعضده فأخضع القائد الحلة واستباح حماها ثم جاء كربلاء فحاصرها ثمانية عشر شهرا ولم يقو على افتتاحها لحصانة سورها ومناعة معاقلها ولما رأى ذلك أقلع عنها ثم كر عليها ثانيا وثالثا فلم يفز بأمنيته الا بعد حصار طالت مدته أربع سنوات من سنة 1241 الى سنة 1245. وكانت نتيجتها أن اسر الجيش نقيب كربلا فسجنه داود باشا في بغداد.
وفي خصوص هذه الواقعة قال صاحب (نزهة الاخوان في وقعة بلد القتيل العطشان - مخطوط للسيد حسن الكليدار-): (لقد احصي تسع وقائع وقعت بين الفريقين. كان الفوز فيها من نصيب الكربلائيين وانهزم جند داو باشا).
فالواقعة الاولى هي واقعة - القنطرة - قتل فيها من الجند ثمانية عشر رجلان ومن الاهلين رجلان.
والواقعة الثانية: واقعة (المشمش) وقد سميت بذلك لان الجند قصدوا ان ينهبوا، كما أفسدوا الزرع من قبل. وخرج الاهلون على عادتهم الى الجناة فاقتتلوا في أرض الجويبه، وظهر البلديون على الجنود وهزموهم بعد ان قتل وجرح منهم خلق كثير.
والثالثة: واقعة الهيابي، وهي من أعظم الوقائع وأشدها هولا. غطيت على أثرها أرض الجويبه وما يليها من أرض الحر والهيابي بجثث القتلى. وقد استمرت المعركة من الصبح الى الظهر. وانهزم الجند بعد أن قتل وجرح منهم جمع غفير. ومن جملة الجرحى القائد الشهير صفوق - وهو قائد الحملة -... ولما تحقق داود باشا من انكسار حملته بقيادة صفوق. عندئذ عقد لواء الحملة الى - المناخور - وكان هذا بصيرا بالحرب، مشهورا بالضرب والطعن. سبق له فتح الحلة وماردين. فخرج من بغداد مع 1500 فارس مزود بالمدافع والقنابل، وانفذ داوود على أثره من أصناف جنوده، الى طلبه، والداوديه، والارسيه، والتركية، واليوسفية. ونقل الجند معسكرهم الى جهة الحر. ووصل المناخور الى كربلا فسد عنها الماء ليومه. وفيه تقدم الى المدينة فأطلقت قنابله عليها وهاجمه الكربلائيون ففر اصحابه واغتنمت ميرتهم. وهذه الواقعة هي الرابعة.
والواقعة الخامسة: واقعة (الاطواب) نسبة الى المدافع. وتسمى أيضاً بوقعة باخية. وهي واقعة عظيمة دامت ست ساعات. اطلقت فيها (46) قذيفة مدفع. وقيل أكثر من ذلك. ولم تصب أحداً بل كانت تقابل من جانب الاهلين بالهزء والسخرية. وقد قتل وجرح فيها الكثير من أفراد العشائر. وقد أغارت خيل المناخور على المدينة مرات عديدة وباءت كلها بالفشل. وقد خرج اليهم الاهلون فأصابوا من أعدائهم وعادوا ولم يقتل منهم الا شخص واحد، وجرح أربعة أشخاص. وقد كف الجند عن القتال.
الواقعة السادسة: واقعة (المخيم) وهي واقعة عظيمة أيضاً. تبادل فيها الفريقان اطلاق القذائف المدفعية. دمر على أثرها احدى مدافع العدو وقد ابتدأت المعركة منذ الفجر. ولم تمض ساعة حتى أن انهزم العدو ثم عادوا القتال بعد ساعة، فكثر القتلى والجرحى منهم ففر الجند أيضاً.
وقد أصيب في هذه المعركة أربعة قتلى من الاهلين.
الواقعة السابعة: واقعة (الرايه) اقتتل فيها الفريقان خارج البلدة انتصر فيها الاهلون واستولوا على خيولهم ومدافعهم وبنادقهم.
الواقعة الثامنة: واقعة (بني حسن) وهي عظيمة أيضاً وذلك ان المناخور أحس بعجز جيشه وتخاذلهم. فعدل الى الاستنجاد بالعشائر واجابه فيمن اجاب: بنو حسن - ناكثين عهدهم مع أهل كربلاء ضامنين للمناخور فتح المدينة، حتى تقدموا أمامه بعد العشاء الآخرة. من جهة المخيم وتمكنوا من عبور الانهار وتسلق الجدران. ونشبت الحرب بينهم وبين الاهلين. وحمل فرسانهم، وحمل الجند ثلاث مرات. فأخفق الجميع وجرح منهم جماعة.
الواقعة التاسعة: واقعة (الامان) لان المناخور أوقعها بعد صدور العفو والامان من داود باشا. طمعا بفتح المدينة. فقد تقدم في منتصف ليلة ذي القعدة سنة 1241 - وقد أطال المؤلف في سرد تفاصيل هذه الواقعة، ومجملها:
فلما باءت كل محاولات داود باشا لاخضاع كربلاء بالفشل استنجد بعرب عقيل القصيم والاحساء، فعسكر هؤلاء على صدر (الحسينية) وامر داود بقطع الماء عن كربلاء، ولما لم تجد أيضاً هذه المحاولات فتيلا، أمر داود باشا اعراب الشامية أن يقطعوا طريق كربلاء وينهبوا السابلة فيها، وقد ضيقوا الحصار على المدينة وقطعوا الاتصال الخارجي بها، فعند ذلك لم ير الاهالي بداً غير الصلح مع داود باشا، فدخل الاخير كربلاء عنوة.
حادثة نجيب باشا
في سنة (1258 هـ) شق أهالي كربلاء عصا الطاعة على الدولة، وأبوا أداء الضرائب والمكوس وكان والي العراق نجيب باشا قد جهز جيشا بقيادة سعد الله باشا، وسيره الى كربلاء فحاصره حصاراً شديداً، وأمطر المدينة بوابل قنابله. ولم يساعده الحظ على افتتاحها لأن سورها كان منيعا جداً وقلاعها محكمة لا يمكن للقائد الدنو منها، ولما اعيت به الحيل الحربية، التجأ الى الخداع فأعطى الأمان للعصاة، وضمن لهم عفو الحكومة فأخلوا القلاع وجاؤوا طائعين، قبض عليهم وسلط المدافع على الجهو الشرقية فهدم السور وأصلى المدينة نارا حامية، ففتحها وارتكب فيها كل فظاعة وشناعة، ودخل بجيشه الى الصحن العباسي، وقتل كل من لاذ بالقبر الشريف.
وقد جاء في كتاب (زنبيل قرهاد) لميرزا معتمد الدولة عن هذه الحادثة ما ترجمته (بواسطة كثرة الاوباش في كربلاء - وكانت آنذاك ملجأ كل مجرم هارب من العقاب حتى صار ينطبق عليها القول المأثور (من دخلها كان آمنا) - ان بلغ الامر بها الى حد أن خرج الامر من يد حاكم كربلاء ولم يطع هؤلاء أوامر والي بغداد وامتنعوا من دفع الضرائب. وكانوا يعتمدون على الزائرين والمجاورين حتى ان سكنة كربلاء لم يبق لهم المجال في السكنى بها، وكان اليارماز - الاسم الذي عرف به هؤلاء الاوباش - يشكلون عصابات ترفع كل منها راية العصيان. ولم يتمكن علي رضا باشا والي بغداد الذي مر على حكمة في بغدادا اثنى عشر عاما - من اخماد هذه الفتنة. حتى ان نصبت الدولة العثمانية محمد نجيب باشا واليا على بغداد بعد ان كان واليا على الشام. (في الدولة العثمانية كان والي بغداد بمثابة وزير ثاني) وكان هذا سفاكا غدارا معروفا بالمكر ولم يكد يستقر في مركز ولايته الجديدة حتى جهز جيشا جرارا وبعثه صوب كربلاء.
وبعد حصار دام ثلاثة أيام دخل كربلاء. وقد اجرى القتل والأسر بدرجة فظيعة. وفي 11 ذي الحجة سنة 1285 هـ أمر بالقتل العام لمدة ثلاث ساعات. ومن المحقق ان تسعة آلاف شخص قد ابيدوا عن آخرهم في تلك المدينة المقدسة، فضلا عما نهب من الأموال والأحجار النفيسة وأثاث البيوت والكتب التي لا تعد ولا تحصى.
وفي صحن الإمام العباس عليه السلام، ربطوا الخيل والجمال، وقتلوا كل من لاذ بأروقه الحرم الحسيني والعباسي وكذلك فعلوا في البلدة، سوى دار السيد كاظم الرشتي، التي كانت دار أمان، وكل من تمكن من الهروب نجا ومن بقى كان نصيبه القتل، وهدموا الالواح التي كانت تزين جدران الروضة الشريفة. وبعد القتل العام أصدر الوالي أمرا بتعيين حاكم على كربلاء. وفي اليوم الرابع عشر من الشهر المذكور رجع نجيب باشا قافلا الى بغداد.
ولابن الالوسي - وكان قاضي عسكر نجيب باشا بيتان من الشعر قالهما بعد وقوع الحادثة:
احسين دنس طيب مرقدك الألى***رفضوا الهدى وعلى الضلال ترددوا
حتى جرى قلم القضاء بطهرها***يوما فطرها النجيب محمد
وقد رده الشيخ عزيز ابن الشيخ شريف النجفي بقوله:
اخساً عدو الله ان نجيبكم***رفض الهدى وعلى العمى يتردد
ولئن به وبك البسيطة دنست***فابشر يطهرها المليك محمد
وقد ردا أيضاً الحاج ملا محمد التبريزي بقوله:
اخساً عدو الله ان نجيبكم ***كيزيدكم شرب الدماء تعودوا
هذا ابن هند والمدينة والد***م المهراق فيها والنبي محمد
فتنة علي هدله
وفي سنة (1293 هـ) ظهرت فتنة في كربلاء فعرفت بفتنة علي هدله، وذلك ان جماعة من المفسدين حرضت الأهالي على مناوئة الحكومة وكانت افكار الأهالي مستعدة لقبولها. فألفت عصابة بقيادة علي هدله وقابلت الجيش العثماني ودرمته في مواقع متعددة، ولما رن صدى هذه الحادثة في الاستانة قلق السلطان المخلوع وأصدر ارادة سنية بارسال جيش الى كربلاء وهدمها وقتل من فيها عن بكرة ابيهم، واناط تنفيذ هذه المهمة بعاكف باشا والي بغداد والمشير حسين فوزي باشا. وكان هذا قائدا عاما للجيش فجاء الأثنان الى كربلاء يصحبها احد نقباء بغداد السابقين، وضربوا المضارب قرب المدينة فلم ير الوالي في المدينة آثار العصيان والتمرد. وقد علم بعد البحث الطويل ان العصاة: عصابة ارتكبت اثما واقترحت ذنبا يطاردها الجيش. وليس من العدل هدم المدينة وتنفيذ الارادة السنية على سكانها، وأخذ البرئ بجريرة المذنب فأحجم عن تنفيذ الاوامر. وفاتح القائد العام، فأبى هذا الا الاصرار على تنفيذ الاوامر فنجم من ذلك خلاف بينهما، فراجع الاستانة. وخاطبها بالامر. وبعد أخذ ورد. صدر الامر بالعفو. فرحل الجيش عنها بعد ان قبض على مثيرى الفتنة وموقدي نيرانها. قادهم الى بغداد وهناك القاهم في اعماق السجون والعذاب.
هذا مجمل الحادثة. أما تفاصيلها فهي كما يلي:
في أوائل عام 1293 هـ أعلنت الحكومة العثمانية النفير العام في كربلاء. فأخذت جموع المكلفين بالفرار من سلك الجندية. وكان هناك جاسوس من قبل الحكومة على الفارين. وهو مختار باب الطاق المدعو حسين قاسم حمادي فمن كثرة ما اصاب الناس على يد هذا المختار من المحن. ان قتلوه في مقهى المستوفي الواقعة في محلة باب الطاق. فعندما قتل هذا المختار، تولت الحكومة المحلية القبض على المتهمين، ففر جماعة منهم وخيموا خارج السور في البستان المعروفة ببستان _ جعفر الصادق ع). أخذوا يعبثون بالأمن. وحرضوا الأهالي على مناوئة الحكومة وكانت الأفكار مستعدة لقبولها. فالفت عصابة بقيادة القهواتي (علي هدله) وقابلت جيوش العثمانيين ودحرتهم في مواقع متعددة. وكانت عصابتهم تتألف من (150) شخصا، يقومون بحرب العصابات، وذلك بتحريص من الحاج محسن كمونة والحاج حسن شهيب ويمدونهم بالمؤنة والذخيرة، واختلطت معهم بعض أفراد من عشيرة حجيل والزونبات. فاستحفل امرهم حتى رن صدى هذه الحادثة في الأستانة. فقلق السلطان عبد الحميد خان واصدر ارادة سنية بارسال جيش الى كربلاء وهدمها وقتل من فيها عن بكرة ابيهم، واناط تنفيض الارادة الى عاكف باشا والي بغداد والمشير حسين فوزي باشا. وكان هذا القائد للجيش فجاء الاثنان الى كربلاء بصحبة النقيب السيد عبد الرحمن النقيب الكيلاني وضربوا المضارب قرب المدينة، وكان ذلك في أواخر شهر رمضان من عام (1293 هـ) وكان قيام علي هدله في 3 ربيع الاول من عام (1293). فلم ير الوالي آثار العصيان في المدينة، وقد علم بعد البحث الطويل ان العصاة عصابة ارتكبت اثما واقترفت ذنبا يطاردها الجيش، وليس من العدل هدم المدينة وتنفيذ الارادة السينة على سكانها، وأخذ البرئ بجزيرة المذنب فأحجم عن تنفيذ الأوامر فنجم من ذلك خلاف بين الوالي عاكف باشا المصر على امر الهدم، والقائد حسين فوزي باشا فراجع الاستانة خاطباها بالامر، وبعد اخذ ورد صدر الامر بالعفو، فرحل الجيش بعد ان قبضوا على مثير الفتنة وموقد نيرانها، وحوالي (70) شخصا بضمنهم علي هدله مع المرحوم الحاج محسن كمونه وحسن شهيب وجاعة غيرهم، فساقواهم الى بغداد واردعوهم السجن في أوج قلعه مدة تزيد على السنة، (نقلا من تاريخ كربلاء جـ 3 المخطوط للسيد محمد حسن كليدار).
واقعة الزهاوي:
وبعد وقوع الصلح بين أهالي كربلاء والحكومة العثمانية، إثر عدة فتن وعصيان من قبل الأهالي قررت الحكومة فرض غرامة على البلدة. وهي ان تدفع الكسبة عن كل دكان في كل شهر - ما يساوي (12عانة) الى مدة محدودة من السنين وبعد انتهاء المدة استمرت الحكومة على استيفاء تلك الضريبة، فامتنع الكسبة عن الدفع. وقد رفعوا شكوى فلم تسمع لهم شكاية. فالتجأوا الى التحصن بالسفارة الانكليزية التي في كربلاء. ونصبوا الخيام حولها واستظلوا بها. وكلما نصحتهم الحكومة والعلماء والاشراف لم يقبلوا فصممت الحكومة على تفريقهم بالقوة وكان المتصرف يومئذ رشيد الزهاوي. وفي ليلة من اخريات شهر رمضان سنة 1324 هـ أخطرهم أول الليل فلم يتفرقوا وبينما هم نائمون في خيامهم أمر الزهاوي الشرطة أن يضربوهم بالرصاص قبل الفجر، فضربوهم، واصيب حوالي الخمسين شخصا بين قتيل وجريح. وانهزم الباقون. فهجم العسكر على خيامهم وانتهب ما فيها.
حادثة حمزة بك:
في ليلة النصف من شعبان من سنة 1333هـ, وكانت كربلاء غاصة بالزوار الواردين من الاطراف للزيارة، ثار أهالي كربلاء في وجه الحكومة أيام اشتغالها بالحرب العامة. بعد شدة ضغط الحكومة على أهالي كربلاء والنجف فهجموا على السجن واخرجوا المسجونين وانتهبوا دوائر الحكومة وبيوتهم ففر المأمورون والموظفون أجمع. فجاء المتصرف حمزه بك مع قوة ودخل البلد من جانبها الشرقي وتحصنوا في بعض الخانات والبيوت الحصينة. وصار الطرف الغربي بيد الأهالي ولم تزل الحرب قائمة بين الطرفين عدة أيام. وقتل من الجانبين خلق كثير وانتهت المعركة بعد قتل ذريع وخراب اكثر البيوت والمنازل بهزيمة العسكر. وانتهاب الاهالي اسلحتهم وذخائرهم. وبقيت البلدة بيد الأهالي الى أن احتلها الانكليز.
ثورة العشرين:
في سنة 1920 م ثارت البلاد بثورتها المعروفة (ثورة العشرين) وخاصة جهة الفرات فيها، كان أول ما اندلع لسان الثورة من كربلاء وذلك لأمرين:
(1) وجود آية الله الشيخ محمد تقي الشيرازي في كربلاء
(2) زيارة نصف شهرشعبان، وهي الزيارة الوحيدة التي يجتمع فيها سائر المسلمين والقبائل. وكان قد عين في أيام الثورة السيد محسن أبو طبيخ متصرفا في شؤون اللواء وما يتبعه وقد انعقدت في كربلاء عدة مؤتمرات هامة في هذا الشأن لاجل السعي وراء صالح البلاد العراقية نخص بالذكر منها المؤتمر الكبير الذي انعقد في 9 شعبان سنة 1340 هـ وذلك بمناسبة تجاوز (الوهابيون) على حدود العراق فدعى الامام الخالصي رؤساء القبائل القاطنة على ضفاف دجلة والفرات وديالى الى حضور المؤتمر في كربلاء
وقفات تأريخية لإعمار مدينة كربلاء المقدسة
المراحل التي مرت بها تشييد و بناء مدينة كربلاء المقدسة، من تاريخ استشهاد الإمام الحسين عليه السلام و حتى تاريخنا هذا فهي مراحل عديدة و منعطفات مختلفة يمكن تصنيفها كما يلي :
- المرحلة الأولى من استشهاد الإمام الحسين عليه السلام أي سنة 61 هجرية الى الحكم البويهي
- المرحلة الثانية في زمن الحكم البويهي من سنة 331 هجرية الى سنة 786 هجرية
- المرحلة الثالثة مرحلة الحكم العثماني و الصفوي من سنة 914 هجرية الى سنة 1285 هجرية
- المرحلة الرابعة مرحلة ما بعد تأسيس الحكومة العراقية من سنة 1340 هجرية الى مرحلة الانتفاضة في حكومة البعث سنة 1991 م
مرحلة ما قبل الحكم البويهي
بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام بيومين (كما جاء في الكتب التاريخية) وضعت جماعة من بني اسد بعد دفن الإمام الحسين عليه السلام بعض المعالم على قبره و كتب الإمام زين العابدين عليه السلام على هذا القبر بعد حضوره الى مراسم الدفن بالإعجاز، هذا قبر الإمام الحسين ابن علي الذي قتل عطشاناً و اخذ الزوار من ذلك التاريخ يؤمّون القبر الشريف باعداد متفرقة رغم وجود الحراسة الكاملة من قبل جلاوزة الحكم الأموي لمنع الوصول الى القبر الشريف كما يذكر ان الشخصيات الكبيرة من محبي و اتباع اهل البيت كعبدالله ابن الحر الجعفي و المختار ابن ابي عبيدة الثقفي و مصعب ابن الزبير و سليمان ابن صرد الخزاعي و كثيرون غيرهم كانوا من زوار الامام الحسين عليه السلام في سنة 61 هجرية و المعروف ان الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الانصاري كان من الوافدين على قبر الإمام الحسين عليه السلام لزيارة الاربعين في سنة 62 هجرية.
و في العهد الأموي كان بجانب قبر الإمام الحسين عليه السلام مسجداً شيّده المختار ايام إمرته على الكوفة سنة 66 هجرية و كانت على مقربة من شجرة السدرة التي كان المسلمون يتظللون بها و يسترشدون بها على معرفة موقع القبر الشريف.
تشير المصادر التاريخية بأن شيعة اهل البيت رغم تلهفهم للسكن جنب قبر الإمام الحسين عليه السلام بكربلاء و لكنهم لم يتمكنوا من ذلك لوجود مخافر للشرطة تمنعهم من الزيارة و السكن في العهد الاموي.
و لكن بعد ان ضعف الحكم للأمويين و كانت بداية الخلافة العباسية و في زمن الإمام الصادق عليه السلام استفادت الشيعة من الوضع السياسي الراهن و حاول البعض السكن حول قبر الإمام عليه السلام بحيث صارت مأهولة بالسكان و تذكر المصادر التاريخية بان الراوي الكبير عثمان ابن سعيد الكوفي العامري كان اول من سكن كربلاء الحالية في عهد الإمام علي ابن موسى الرضا عليه السلام أي بعد عام 183 هجرية.
و يذكر الطبري ان والدة الخليفة العباسي المهدي و ابنه يزيد ابن منصور كانا يصرفان مرتبات الى رجال يخدمون مرقد الإمام الحسين عليه السلام الى بداية حكم الخليفة العباسي هارون الرشيد.
غيران الخليفة العباسي هارون الرشيد غيّر اتجاهه نحو السماح لزيارة الإمام الحسين عليه السلام وامر بقطع السدرة و هدم المسجد الصغير الذي كان الى جانب القبر الشريف، و لا بأس ان نذكر هنا الحديث النبوي الشريف الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله (لعن الله قاطع السدرة).
و عندما تولّى الخليفة العباسي المأمون ابن هارون الرشيد سنة 198 هجرية عاد الاهتمام بمدينة كربلاء بشكل عام و أعيد بناء مرقد الامام الحسين عليه السلام و اخذ المامون بإظهار الحب لأهل البيت و بدأ المسلمون الوفود الى المدينة و السكنى بجوار القبر الشريف.
و في اواخر القرن الثاني الهجري قام رجل من بني علقمة من احفاد علقمة ابن زرارة ابن عدس بحفر نهر محاذي لطف كربلاء (و كان مجرى هذا النهر موجوداً في السابق و لكنه اندثر) و يمر هذا النهر بالقرب من مرقد الحسين عليه السلام الى الشرق منه و الذي عرف بالنهر العلقمي.
و لكن بخلال حكم الخليفة العباسي المتوكل 236-247 هجرية تعرض القبر الشريف الى سياسة إيذائية سافرة و متشددة للغاية اذ أمر المتوكل بهدم القبر الشريف ثلاث مرات و فتح الماء عليه فحار الماء حول القبر و لذا سُمّي المكان بالحائر الحسيني و وضع مخافر يترصدون من يأتي الى زيارة الحسين عليه السلام و يتعاملون مع زائريه بقسوة حتى كانت الفدية لزيارة قبر الأمام الحسين عليه السلام قطع الأيدي.
و في سنة 247 هجرية قُتل المتوكل على يد ابنه المنتصر الذي اعاد بناء مرقد الإمام الحسين عليه السلام و اخذ المسلمون يتوافدون على ارض كربلاء و اقاموا المباني و الأسواق من حول المرقد الشريف فاستعادت كربلاء مكانتها العمرانية و العلمية و استطاعت ان تسترجع ما كانت عليه.
و كان اول علويا سكن كربلاء في هذا الوقت هو السيد ابراهيم المجاب ابن محمد العابد ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام مع ولده و كان ذلك سنة 247 هجرية.
مرحلة الحكم البويهي من سنة 331 هجرية الى سنة 786 هجرية
و في عهد الخليفة العباسي المعتضد سنة 279 هجرية زار كربلاء حسن ابن زين العلوي الملقب(بالداعي الكبير) ملك طبرستان و ديلم. فباشر ببناء الحضرة الحسينية و أتخذ حولها مسجداً و لكنه توفى قبل إنجازها فأكمل بناءها أخوه محمد ابن زيد العلوي و إهتّم بمدينة كربلاء و مرقد الإمام الحسين عليه السلام و عندما دخل البويهيون بغداد و أصبحوا الحكام الفعليين في سنة 343 هجرية حظيت مدينة كربلاء بالإهتمام و الرعاية و كان اول من زارها من السلاطين البويهيين،السلطان معز الدولة سنة 336 هجرية و في سنة 367 استولى السلطان عضد الدولة البويهي على بغداد من جديد، و عرج على مدينة كربلاء لإول مرة لزيارة مرقد الإمام الحسين عليه السلام فأولى المدينة جل اهتمامه و كان يزور كربلاء كل عام و في سنة 369 هجرية اهتم عمران ابن شاهين بمرقد الإمام علي عليه السلام بالنجف الأشرف و مرقد الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء المقدسة و هو الذي شيد رواقاً في الجانب الغربي من حرم الإمام الحسين و الذي يعرف اليوم برواق السيد ابراهيم المجاب.
و لم يكتفي عضد الدولة بما قدمه للإمام الحسين عليه السلام بل اولى مدينة كربلاء جل عنايته و كان من اكثر الناس اهتماماً بها. و قام بأهم زيارة له لهذه المدينة في سنة 369 هجرية حيث امر بإعادة بناء مرقد الإمام الحسين عليه السلام و الدور و المباني المحيطة به و قد إنتهى العمل ببناء المرقد سنة 371 هجرية و كذلك امر قبل وفاته سنة 372 هجرية ببناء مرقد ابا الفضل الحسين عليه السلام لأول مرة فأزدهرت المدينة إزدهاراً واسعاً و اقيمت المباني الجديدة في ما بين المرقدين و ما حولهما و توسعت المدينة و اصبحت مهمة لها مركزها الديني و العلمي.
و في سنة 407 هجرية احترق مشهد الإمام الحسين عليه السلام بسبب سقوط شمعتين فأحدث ذلك بلبلة في المدينة و ظل القبر على هذا الحال حتى قام وزير السلطان البويهي الحسن ابن فضل ابن سهلان المعروف بالرامهرمزي سنة 414 هجرية بإرجاع الطمأنينة و السكينة الى النفوس و أولى المدينة و المشهد اهتمامه و قام السلطان ابو طاهر جلال الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضد الدولة البويهي بزيارة مدينة كربلاء و مرقد الإمام الحسين عليه السلام و ذلك سنة 431 هجرية و مكث فيها مدة من الزمن أجزل خلالها العطايا و النعم على الاهالي مما كان له اثر في تطور المدينة.
و في سنة 489 هجرية أغارت قبيلة خفاجة على كربلاء بعد إغارتها على الحلة فعاثوا فيها الفساد و المنكر من قتل الناس و الإعتداء على النساء و نهب الاموال و الإعتداء على الأماكن المقدسة فوجه اليهم سيف الدولة جيشاً فحاصروهم فقتل منهم خلقاً كثيراً.
و في سنة 526 هجرية قام الخليفة العباسي المسترشد بوضع يده على الخزائن من الاموال و المجوهرات العائدة لمرقد الإمام الحسين عليه السلام لصرفه على الجيش و اكتفى بذلك دون ان يتعرض للمرقد بسوء و ازدهرت مدينة كربلاء و خاصة عمارة المراقد المقدسة في ايام الخليفة العباسي احمد الناصر لدين الله سنة 575 الى 622 هجرية و كان محباً لأهل البيت عليهم السلام و موالياً لهم بخلاف آبائه و اسلافه.
والغريب في ذلك ان المغول حينما استولوا على العراق بقيادة هولاكو سنة 656 هجرية لم يصلوا الى كربلاء و لم تُصب المدينة بما الحقوه في المدن الأخرى من قتل و دمار و حرق و اغتصاب.
و في سنة 696 هجرية قدم العراق السلطان المغولي محمود ابن غازان و توجه الى كربلاء لزيارة الإمام الحسين عليه السلام و امر للعلويين و المقيمين بمال كثير و في سنة 698 أعاد زيارته لكربلاء مرة اخرى ثم امر بحفر قناة من نهر الفرات تصل الى سهول كربلاء و سمي هذا النهر (بالغازاني الأعلى). و قد خلف محمد خدابندة، أخاه غازان سنة 703 هجرية و حدى حذوه باهتمامه بالمراقد المقدسة و رعاية العلويين.
كما اشار ابن بطوطة في رحلته الى كربلاء سنة 727 هجرية الى مشهد الإمام الحسين ابن علي ابن ابيطالب (ع) و قال عن كربلاء انها(مدينة صغيرة تحفها حدائق النخيل و يسقيها ماء الفرات و الروضة المقدسة داخلها و عليها مدرسة عظيمة و زاوية فيها الطعام للوارد و السائر و على باب الروضة الحجاب و القومة لا يدخل احد الّى عن إذنهم فيقبّل العتبة الشريفة و هي من الفضة، و على الضريح المقدس قناديل الذهب و الفضة و على الابواب ستائر الحرير.و اهل هذه المدينة طائفتان، اولاد زحيك و اولاد فائز و بينهما القتال ابدا و هم جميعاً يرجعون الى اب واحد و بسبب فتنتهم تخربت هذه المدينة).
لقد مهدت الفتن و الإضطرابات للأحوال السياسية للعراق زمن الأيلخانيين الطريق للشيخ حسن الجلائري مؤسس الدولة الجلائرية للإستيلاء على بغداد سنة 738 هجرية و بالرغم من قصر فترة السيادة الجلائرية فقد تميزت بالإستقرار النسبي الذي ساعد على قيام نهضة عمرانية و علمية و فنية في العراق و خاصة في المدن الدينية مثل مدينة كربلاء.
ففي سنة 767 قدم بغداد السلطان اويس الجلائري الذي اصبح سلطانا على خراسان و العراق بعد ابيه الامير الشيخ حسن الجلائري و اقدم على تجديد عمارة المرقد الشريف و قاما من بعده ابناه السلطان حسين و السلطان احمد بهادر خان بإستكمال البناء سنة 786 هجرية و هو البناء الذي هيكله موجود الى الآن و قد شيد ايضاً في هذه الفترة البهو الأمامي للروضة الحسينية المعروف بأيوان الذهب.
و في سنة 857 هجرية قام علي ابن محمد ابن فلاح الملقب بالمشعشعي الذي كان حاكماً على البصرة و الأهواز و الجزر القريبة منهما بنهب المشهدين المقدسين في كربلاء و النجف و قتل بعض اهلهما و اخذ بعض الأسرى الى البصرة.
مرحلة الحكم العثماني و الصفوي من سنة 914 هجرية الى سنة 1285 هجرية
بعد ان تم لشاه اسماعيل الصفوي تأسيس الدولة الصفوية في ايران سنة 906 أرسل جيشاً كبيراً بقيادة لاله حسين للسيطرة على بغداد و بعد ان تم له ذلك سنة 914 هـ و اصبح العراق تابعا للدولة الصفوية و دخل بذلك مرحلة تاريخية جديدة قدم الشاه اسماعيل الصفوي في السنة نفسها الى بغداد و في اليوم الثاني من مجيئه قام بزيارة كربلاء فأولى المراقد المقدسة في هذه المدينة جل اهتمامه و رعايته فأنعم على مجاوري الروضة الحسينية بالمال و الهدايا و كانت السنين التي حكم بها الشاه اسماعيل الصفوي العراق سنين ازدهار و هدوء و خاصة المدن المقدسة.
توفى شاه اسماعيل الصفوي سنة 960 هجري و خلّف ابنه طهماسب الاول و في هذه الفترة كان العراق خاضعاً للعثمانيين الذين استولوا على العراق فأرسل طهماسب جيشاً حاصر به بغداد و استطاع ان يفتح القلعة التي تحصن بها حاكم بغداد و ان يقتله و بعد ان سيطر طهماسب على العراق قام بزيارة المراقد المقدسة بكربلاء.
و عندما بدأ التنافس بين العثمانيين و الصفويين للسيطرة على العراق خاصة في زمن السلطان العثماني سليم سنة 918 هجرية تمّت سيطرة العثمانيين على العراق و على يد السلطان سليمان القانوني في سنة 941 هجرية و بذل هذا السلطان ما بوسعه لإستمالة سكان العتبات المقدسة اليه، و قرر ان يفعل في المدن المقدسة اكثر مما فعل الشاه اسماعيل الصفوي و طهماسب. فقام بإنشاء سد ترابي لإنقاذ مدينة كربلاء من الفيضانات و الغرق يعرف بروف السليماني كما امر بشق نهر يروي اراضي مدينة كربلاء و كان ذلك في سنة 941 هجرية و سمي هذا النهر بالنهر السليماني نسبة اليه و الذي يسمى في الحال الحاضر بنهر الحسينية.
و في سنة 980هـ استطاع الشاه طهماسب الأول ابن اسماعيل الصفوي ان يسيطر على بغداد من جديد بعد ان كان العثمانيون قد سيطروا عليها و قام للمرة الثانية بزيارة كربلاء و المراقد المقدسة فيها وأمر بهذه الزيارة الاهتمام برعاية المرقد الشريف.
سيطر العثمانيون بعدئذ على العراق و تذكر المصادر التاريخية ان الوالي العثماني على بغداد علي باشا قام سنة 984 هجرية بتعميرالمرقد.
و قد وصل الرحّالة البرتغالي المعروف بيدورو تكسيرا الى كربلاء في 25 ايلول 1604 ميلادية.
و يصف تكسيرا سكان هذه المدينة بأنهم من العرب و الإيرانيين و قليل من الأتراك و بعضهم كان من بقايا الذين جائوا لزيارة مرقد الإمام الحسين عليه السلام و استوطنوا المدينة و قسم آخر خلفتهم الحروب التي اندلعت بين الصفويين و العثمانيين ممن لاذ بأمان المرقد و سلام المدينة المقدسة.
و اسواق هذه المدينة مبنية بناءاً محكماً و هي مليئة بالمؤن و البضائع التجارية. و عندما يتطرق الى الروضة الحسينية يقول ان المسلمين يتوافدون لزيارتها من جميع الأنحاء و يتحدث تكسيرا عن الفوضى التي كانت تضرب اطنابها في كربلاء و النجف تحت حكم الأمير ناصر المهنى الذي كان يعتبر نفسه سلطانا عليها.
اما الشاه عباس الكبير فبعد سيطرته على بغداد سنة 1032 قام بزيارة كربلاء و زيارة مرقد الإمام الحسين عليه السلام ثم توجه عن طريق الحلة الى النجف الأشرف لزيارة مرقد الأمام علي ابن ابي طالب عليه السلام.
كما استطاع السلطان العثماني مراد الرابع بعد حصاره بغداد في سنة 1038 أي بعد وفاة الشاه عباس الكبير الإستيلاء على العراق و كان هذا السلطان سفاكاً للدماء و قام بمجزرة قتل خلالها زهاء ثلاثين الف شيعي مما حمل الشاه صفي الدين الأول على ان يسترجع العراق من العثمانيين سنة 1042 و قام في هذه السنة بزيارة كربلاء و بذل كثير من الأموال من اجل ذلك و لكن العثمانيين عادوا من جديد الى العراق فسيطروا عليه و قتلوا خلال ذلك في معركة واحدة الفي جندي ايراني ممن يسمون(بالقزلباش) و كان ذلك في سنة 1048.
و لما بلغ الشاه صفي الدين هذا الخبر الذي اثاره كثيراً جهز جيشاً و حاصر بغداد و استولى على العراق من جديد و قام بزيارة كربلاء و المراقد المقدسة فيها.
اما الوالي العثماني حسن باشا فقد قام بأصلاحات يمكن القول بسببها ان العراق دخل في عهده مرحلة جديدة و لقد قام بزيارة الإمام الحسين عليه السلام سنة 1116 و أجزل العطاء على القائمين على الحرم و على الفقراء و امر في زيارته الثانية سنة 1127 بتعمير الأيوان الحسيني و بنا في كربلاء خان الباشا.
في سنة 1138 استطاع نادر شاه الأفشار ان يقضي على الدولة الصفوية و يتسلم عرش ايران و يمد نفوذه على العراق حيث سيطر و توجه لزيارة مرقد الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء و مرقد الإمام علي عليه السلام في النجف الأشرف و قامت زوجته بإنفاق اموال كثيرة لتعمير الحائر الحسيني سنة 1153
و زار نادر شاه الأفشار كربلاء مرة اخرى سنة 1156 مع وزرائه و عساكره و قد اولى مرقد الإمام الحسين عليه السلام و المراقد الأخرى في المدينة عناية خاصة و ساهم في تحسين المدينة.
و في سنة 1216 هـ انتشر خبر اقتراب الوهابيين من كربلاء بقيادة سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود بجيش يقارب الستمائة هجان و اربعمائة فارس عندما كان معظم سكان مدينة كربل