ترى ثقافة عاشوراء أن تسلط جور يزيد يعد من أكبر المنكرات الاجتماعية، وإن محاربته من أجل إحقاق الحق وإنهاء التعسف الغاشم يعتبر معروفاً عظيماً. وكان مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الأسباب الكامنة وراء انطلاق ملحمة كربلاء الدامية.
جاء في الوصية التي كتبها الإمام الحسين (عليه السلام) لأخيه محمد بن الحنفية: (إني ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن، آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر. وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب).
وهذا يبين بوضوح دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في انبثاق هذه الحركة الحسينية وقد طرح هذا الموضوع في زيارة حضرته أيضاً: (أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، وجاهدت في سبيل الله حتى أتاك اليقين).
تعكس هذه التعابير مدى عمق هذه الفريضة الدينية التي تبرز حتى في وسط الجهاد الدامي وتمنح مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بُعداً يجعله يمتد في الواجبات والمحرمات الجزئية والفرعية والفردية حتى يشمل القيام من أجل إقامة القسط وإسقاط حكومة الجور وتغير النظام الاجتماعي الفاسد.
لما امتنع الحسين (عليه السلام) عن البيعة ليزيد ووقف ذلك الموقف الشجاع ضد الوليد ومروان ذهب إلى قبر جده (صلى الله عليه وآله) وقضى ليلته في المناجاة عنده، وجاء في تلك المناجاة (اللهم إني أحبّ المعروف وأنكر المنكر، وأنا أسألك يا ذا الجلال والإكرام بحق القبر ومن فيه إلا اخترت لي ما هو لك رضى ولرسولك رضى).